كتاب النفقات
  المخير أمره، ألا ترى أنا نخير الصغيرة إذا زوجها أخوها أو عمها إذا بلغت وملكت أمرها؟ ولا خلاف بيننا وبينكم في الأمة البالغة إذا عتقت تحت العبد أنها تخير.
  فإن قيل: فقد روي عن عمارة بن ربيعة قال: قتل أبي فخاصم عمي أمي فيَّ إلى علي #، ومعي أخ لي صغير، فخيرني علي # فاخترت أمي، وقال: (لو بلغ هذا لخيرته)(١).
  قيل له: يجوز عندنا التخيير(٢) بين الأم والعصبة على ما نذكره من بعد هذا الفصل، فلا معترض(٣) علينا فيه؛ لأنه(٤) يحتمل أن يكون قد بلغ. على أنه قد ذكر في بعض الأخبار عن عمارة أنه قال: كنت ابن سبع أو ثمان، فإن صح ذلك حمل على ما نذكره من بعد.
  وقلنا: إنه إن لم يكن له أب فالأم أولى به ما لم تتزوج حتى يبلغ لأن حق الحضانة وإن كان منقطعاً فإنها تكون أولى بإمساكها(٥) للمزية التي لها، وهي فضل حنوها وشفقتها عليه، ولأن كون الولد عندها أرفق به، فتكون هي بالمزية لها أولى بالولد من عصبته.
  وقلنا: إنها إن تزوجت خير بينها وبين عصبته لأن المزية التي كانت للأم تكون قد زالت على ما تقدم بيانه؛ لأن تزوجها يدل على قلة فكرها فيه وضعف إشفاقها عليه، ولأنه لا رفق له في أن يكون مع زوج أمه، فإذا ثبت زوال تلك المزية استوى حالها وحال العصبة فلم يكن أحدهما أولى به من صاحبه، فوجب
(١) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٦) وفيه: (وهذا أيضاً لو قد بلغ مبلغ هذا لخيرته) ... وكنت ابن سبع أو ثمان سنين.
(٢) في (أ): يجوز عندنا أن التخيير.
(٣) في (أ): يعترض.
(٤) في (ج): أنه. وفي (د): على أنه.
(٥) كذا في المخطوطات.