باب القول في الرضاع
باب القول في الرضاع
  يحرم من الرضاع ما قل أو كثر إذا رضع الصبي في الحولين.
  وهذا منصوص عليه في الأحكام والمنتخب(١). وهو قول زيد بن علي والقاسم والناصر $، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ومالك. قال الشافعي: لا يحرم أقل من خمس رضعات. وحكي عن قوم ثلاث رضعات.
  والأصل فيما ذهبنا إليه قول الله في آية التحريم: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ اُ۬لَّٰتِے أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَٰتُكُم مِّنَ اَ۬لرَّضَٰعَةِۖ}[النساء: ٢٣] فعلق سبحانه التحريم بالإرضاع والرضاعة، فكلما انطلق(٢) عليه اسم الرضاعة والإرضاع فيجب أن يكون محرماً بحكم الآية، وقد علمنا أن الاسم يقع على القليل والكثير.
  ويدل أيضاً على أن الاسم ينطلق على الرضعة الواحدة: ما روي عن ابن الزبير قال: «لا تحرم الرضعة والرضعتان»(٣)، فأجرى الاسم وإن كان يعتقد أنه لا تحرم، وهو من أهل اللسان، وكذلك روي(٤) عن ابن عمر لما بلغه ذلك: «قضاء الله أولى من قضائه، قال الله تعالى: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ اُ۬لَّٰتِے أَرْضَعْنَكُمْ}»(٥) فبين أن المفهوم من قوله: {أَرْضَعْنَكُمْ} ما يحصل من قليله أو كثيره.
  فإن قيل: فإن الله تعالى قال: {وَأُمَّهَٰتُكُمُ اُ۬لَّٰتِے أَرْضَعْنَكُمْ}[النساء: ٢٣] ولم يقل: اللاتي أرضعنكم أمهاتكم، فيجب أن تثبت الأمومة أولاً ثم يكون لإرضاعها حكم، وهذا لا يثبت من طريق اللغة، فيجب أن يرجع فيه إلى الشرع، فبطل تعلقكم بظاهر الآية.
(١) الأحكام (١/ ٤٢٧، ٤٢٨) والمنتخب (٢٥٤، ٢٥٥).
(٢) في (ج): أطلق.
(٣) في (د): الرضعة والرضعات.
(*) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٧٥٥).
(٤) في (د): ما روي.
(٥) روى نحوه البيهقي في السنن الكبرى (٧/ ٧٥٥) وسعيد بن منصور في السنن (١/ ٢٨١).