باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
مسألة: [في جواز بيع ما قبضه ثم تركه رهنا أو وديعة لا بيع الصدقة والخمس قبل القبض]
  قال: فإن قبضه ثم تركه عند بائعه رهناً أو وديعة ثم باعه كان البيع جائزاً. وكذلك لا يجوز بيع الصدقة ولا الخمس قبل القبض.
  وجميعه منصوص عليه في الأحكام(١).
  ووجه قولنا: إنه إن كان قبضه ثم تركه عند بائعه رهناً أو وديعة جاز فيه البيع أنه قد حصل مقبوضاً، وصار مضموناً له، فسبيله سبيل ما يودع أو يرهن عند غير بائعه في جواز البيع؛ لأنه لا فرق بين البائع وبين من سواه في هذا الباب، على أنه مما لا أحفظ فيه خلافاً.
  وقلنا: إن بيع الصدقة والخمس لا يجوز قبل القبض لعموم ما روي أنه ÷ نهى عن بيع ما لم يقبض.
  وفي حديث زيد بن علي، عن أبيه عن جده، عن علي $، قال: نهى رسول الله ÷ عن بيع الصدقة حتى تقبض، وعن بيع الخمس حتى يحاز(٢).
  ولأنه لا يملكه إلا بالقبض، فأشبه بيع الحيتان في النهر في أنه لا يجوز بيعها.
  فإن قيل: فإذا كنتم تجوزون بيع ما لا يملكه الإنسان وتوقفونه على إجازة رب المال، فهلا قلتم ذلك في بيع الخمس والصدقة؟
  قيل له: أما الخمس فليس له مالك معين فيكون بيع من يبيعه موقوفاً على إجازته؛ لأن ملكه يستقر لمعين بالقبض، والصدقة لا تكون ملكاً لمالكها حتى يقبضها المتصدق عليه، وإنما سمي(٣) صدقة على سبيل التوسع، فلو باعه بائع فأجازه مالكه خرج عن حكم الصدقة وصار بمنزلة سائر ما يوقف على إجازة مالكه، فلم يجب أن يكون ما سألوا عنه لازماً على ما بيناه، فسقط التعلق به.
(١) الأحكام (٢/ ١٣، ٣١).
(٢) مجموع الإمام زيد بن علي # (١٨١).
(٣) في (هـ): تسمى.