باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
  التقوية؛ لأن موضوع سائر الأشياء ليس هو موضوع الاستعانة به، وموضوع السلاح والكراع موضوع الاستعانة به على الأعداء؛ ألا ترى أن الله تعالى لما قال: {۞وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اَ۪سْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٖ وَمِن رِّبَاطِ اِ۬لْخَيْلِ}[الأنفال: ٦١] كان ذلك أمراً بما يكون موضوعه موضوع الاستعانة به عليهم من الأسلحة وما جرى مجراها؟
  وقلنا: إنه لا بأس بشراء بعضهم من بعض لأنا قد بينا فيما تقدم أن الملك في دار الحرب يكون بالغلبة، فكل من غلب من المشركين في دار الحرب على شيء يصح تملكه صار مالكاً له، فجاز أن يملكه عليه بالشراء، والمشركون ممن يصح تملكهم، فمن غُلِب منهم على نفسه في دار الحرب صار مملوكاً للغالب، فصح أن يشترى منه.
مسألة: [في كراهة مبايعة الظالمين]
  قال: وتكره مبايعة الظالمين.
  هذا منصوص عليه في الأحكام(١).
  ووجهه: أن أحسن أحوال ما في أيديهم من الأموال أن(٢) تكون من المشتبهات(٣)؛ لأنا وإن لم نحكم بأنها حرام على القطع فإنما كره لكثرة(٤) أمارات التحريم فيه، فإن من المعلوم من أحوالهم أن عامة ما يتصرفون فيه من الغصوب(٥) التي لا شك في تحريمها.
  فإذا ثبت ذلك كرهت ملابسته، واستحب تجنبه؛ لما أخبرنا [به](٦) أبو عبدالله النقاش، قال: حدثنا الناصر، قال: حدثني أخي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي
(١) الأحكام (٢/ ٩).
(٢) «أن» ساقط من (د، هـ).
(٣) في (أ، ج): المشبهات.
(٤) في نسخة في (ب): فمن الظاهر كثرة.
(٥) في (ب، د): المغصوب.
(٦) ما بين المعقوفين نسخة في (ب).