شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 35 - الجزء 4

  خلابة»⁣(⁣١) دليل على أن البيع الذي يكون بيع⁣(⁣٢) الخلابة لا يجوز، وذلك هو بيع الخلابة؛ إذ لا يجوز أن يحمل قوله ÷ إلا على التعريف الذي قلناه؛ إذ ليس بعد ذلك إلا اشتراط ألا خلابة، ولا خلاف أن اشتراط ذلك لا يؤثر.

  فإن قيل: لو بطل هذا البيع لم يبطل إلا لجهل أحدهما وعلم صاحبه، وقد علمنا أن واحداً منهما لا يبطل البيع؛ إذ لو جمعهما العلم أو الجهل كان البيع صحيحاً بالإجماع، وإذا ثبت ذلك لم يجب أن يبطل.

  قيل له: لسنا نقول: إنه يبطل لواحد منهما، بل نقول: إنه يبطل لاجتماع علم أحدهما وجهل الآخر؛ إذ الخداع بذلك يتم، وإياه تناول قوله ÷: «لا خلابة».

مسألة: [فيما يجوز من مبايعة المشركين]

  قال: ولا بأس بمبايعة المشركين إذا لم يباعوا سلاحاً ولا كراعاً. ولا بأس باشتراء بعض المشركين من بعض.

  وهذا منصوص عليه في الأحكام⁣(⁣٣).

  قلنا: إنه لا بأس بمبايعة المشركين لأنه لا خلاف في ذلك؛ ولقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ}⁣[البقرة: ٢٧٤]، فلم يستثن بيعاً من بيع؛ ولأن كل مالٍ جاز أن يملكه على الغير بوجه من الوجوه جاز أن يملكه عليه بالشراء.

  واستثنينا السلاح والكراع لأن في ذلك تقوية على المسلمين، وتكثيراً لعدتهم، وذلك مما لا يجوز؛ لأنه يكون كالمعاونة لهم على ذلك، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْإِثْمِ وَالْعُدْوَٰنِۖ}⁣[المائدة: ٣]، ولا يجب أن يكون سبيل سائر الأشياء سبيل السلاح والكراع في هذا الباب وإن كان في بيع سائر الأشياء ضرب من


(١) سنن أبي داود (٢/ ٤٨٩).

(*) لا خلابة: لا خديعة.

(٢) في (أ، ج): مع.

(٣) الأحكام (٢/ ٢٥، ٢٦).