شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 43 - الجزء 4

  فهذه المسائل تدل من مذهبه على ما لخصناه في أول هذه المسألة.

  ووجهه: أن الأب جعلت ولايته على الصغير ثابتة لصلاح⁣(⁣١) الصغير؛ ألا ترى أن غيره ممن يجوز أن تتوجه عليه التهمة كالأخ والعم لا ولاية لهم في ماله؟

  وهو أيضاً إذا بلغ وصار بحيث يستقل⁣(⁣٢) بمصالح نفسه زالت ولاية أبيه عنه.

  فإذا ثبت ذلك بما بيناه وجب أن تكون ولايته عليه ثابتة فيما يؤدي لإصلاح حاله، دون فسادها؛ إذ الولاية على ما بيناه ولاية للصلاح، وليست ولاية للفساد، والوصي في جميع ذلك قائم مقام أبيه ونائب منابه، فلذلك قلنا: إن حكمه حكم الأب في البيع على الصغير.

  ومما يدل على ذلك أنه لا خلاف في أن الأب لو باع من⁣(⁣٣) مال ابنه الصغير بدون قيمته بما لا يتغابن الناس به أن البيع فاسد، فكذلك ما ذهبنا إليه؛ والعلة أنه بيع لم تتحر فيه مصلحة الابن، فوجب ألا يصح من المتولي عليه.

  فإن قيل: ألستم تقولون: إن الأب لو أنكح ابنته الصغيرة بدون مهر مثلها نفذ ذلك؟ فما أنكرتم أن ينفذ بيعه عليها وإن لم يتحر صلاحها؟

  قيل له: ليس موضوع البيع موضوع الإنكاح؛ لأن الغرض في البيع تحصيل الثمن، وليس الغرض في النكاح تحصيل المهر؛ بل لا يمتنع أن يكون صلاحها في أن تتزوج من كفؤ صالح بدون مهر مثلها؛ لأن المعتبر في الإنكاح هو حال الزوج؛ فبان بما ذكرناه الفرق بينهما.

  على أنه لا خلاف أن البيع بدون القيمة على ما حكيناه لا يجوز، فبان به أيضاً الفرق بين الأمرين.


(١) لفظ شرح القاضي زيد: أن ولاية الأب على مال الصغير إنما ثبتت لأن المعهود أنه يتحرى منفعته وغبطته وصلاحه، بدلالة أن غيره من الأقارب لما لم يعهد ذلك منهم كالأخ والعم ... إلخ.

(٢) في (ب، د، هـ): استقل.

(٣) «من» ساقط من (هـ).