شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 66 - الجزء 4

  ونص في المنتخب على فساد بيع السقوف مذارعة، وعلل ذلك بالتفاوت بين الخشبات في الجودة والرداءة والقلة والكثرة والحسن والقبح.

  قال: وليس كذلك بيع العرصة والجدار، فليس فيهما من التفاوت ما هو في السقوف.

مسألة: [في شراء الشيء بمثل ما يبيع البائع من الناس]

  قال: ولو أن رجلاً اشترى من رجل متاعاً فقال: «أخذته منك بمثل ما تبيع الناس» كان البيع صحيحاً إن كان صاحب المتاع⁣(⁣١) باع صدراً منه بثمن معلوم على سعر واحد، ولم يكن السعر تغير، فإن كان البائع لم يبع منه شيئاً كان البيع فاسداً؛ لأنه غرر، ولو كان باعه بأسعار مختلفة كان أيضاً فاسداً تخريجاً.

  نص في المنتخب⁣(⁣٢) على فساد هذا البيع إذا لم يكن باع منه شيئاً، وعلل فساده بأن قال: إذا لم يكن باع منه شيئاً يكون الثمن مجهولاً، ونص على صحته إذا علم الثمن بما تقدم من البيع.

  وقلنا تخريجاً: إن كان باعه بأسعار مختلفة يفسد البيع لأن الثمن يعود مجهولاً.

  ووجه صحة البيع: أن لفظة المستقبل استعملت فيمن كان في الفعل إذا كانت الأفعال كثيرة وإن كان مضى منها فعل، فيقال: فلان يصلي، وفلان يزرع، وفلان يخيط، فيكون ذلك مصروفاً إلى الماضي والمستقبل وإن كان قد مضى كثير منه، فيحمل قوله بما تبيع الناس على هذا الوجه، وكان مصروفاً إلى ما مضى؛ لأن عقود المسلمين محمولة على الصحة ما أمكن، وليس يمكن حمل هذا العقد على الصحة إلا على هذا الوجه الذي قلناه، ولا يجوز أن يكون ذلك مصروفاً إلى ما يبيع على الاستقبال؛ لأن الثمن يكون مجهولاً؛ ولأنه يؤدي إلى الغرر.


(١) في (هـ): المال.

(٢) المنتخب (٣٢٩).