باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع
مسألة: [في اشتمال البيع على ما يصح بيعه وما لا يصح]
  قال: ولو أن رجلاً اشترى عبدين صفقة فوجد أحدهما حراً أو مكاتباً أو مدبراً كان البيع فاسداً، فإن تميزت الأثمان صح البيع فيمن جاز بيعه دون من لم يجز.
  وكذلك القول فيمن اشترى شاتين مذبوحتين فوجد إحداهما ذبيحة من لا يجوز أكل ذبيحته أو ميتة(١).
  في المسألتين قال أبو حنيفة كقولنا، وللشافعي قولان: أحدهما: مثل قولنا، والثاني: أن البيع يصح فيما يجوز بيعه، وللمشتري الخيار بين أخذه بجميع الثمن وبين رده، وأجرى ذلك مجرى العيب. وحكي قول ثالث: أنه يأخذه بقسطه من الثمن. وذلك لا يصح عندنا في هذه المسألة، وإنما يصح إذا باع عبدين أحدهما له والآخر لغيره بغير إذن صاحبه.
  ووجه قولنا في هذه المسألة: أن البيع وقع فاسداً؛ لانطوائه على ما لا يصح بيعه من الحر والميتة، فأشبه البيع المنطوي على خيار مجهول المدة أو أجل بثمن مجهول في أنه لما انطوى على ما لا يصح وجب فساده، فكذلك ما اختلفنا فيه.
  ولا يلزم على المسألة إن باع(٢) ملكه وملك غيره؛ لأن هذا البيع لم ينطو على فساد؛ لأنه عقد موقوف، ومتى أجازه المالك صح واستقر. ولا يلزم عليه إن تزوج(٣) امرأتين في عقد واحد فوجدت(٤) إحداهما ذات رحم محرم؛ لأن انطواء عقد النكاح على الفساد لا يفسد ما صح منه؛ ألا ترى أن النكاح على الخمر والخنزير يصح وإن فسد المهر، وكذلك انطواؤه على الشروط الفاسدة لا يفسده كما يفسد البيع انطواؤه على الشروط الفاسدة؟
(١) المنتخب (٣٢٥، ٣٢٦، ٣٢٧).
(٢) في (أ، ب، ج، د): أن يبيع.
(٣) في (أ، ب، ج، د): أن يتزوج.
(٤) في (د): فوجد.