شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح أو يفسد من البيوع

صفحة 73 - الجزء 4

  وأيضاً يجب فساده⁣(⁣١) لوجه آخر، وهو جهالة الثمن؛ لأن تقسيط الثمن على قيمته لا يصح إذا كان ضامه في العقد مما لا يصح بيعه، فلا يصح تقويمه كما يصح ذلك في العبدين إذا كان أحدهما ملكاً لغيره.

  فإن قيل: فهبكم قلتم ذلك في الحر والميتة، فلم قلتم ذلك⁣(⁣٢) في المدبر والمكاتب وقد قلتم: إن من تزوج على مدبر أو مكاتب أو أم ولد قوم وجعل المهر قيمته؟

  قيل له: هذا التقويم ليس بصحيح، بل هو على التقدير؛ لأن ما لا يصح بيعه لا يصح تقويمه؛ لكنا لما وجدناه أقرب من مهر المثل عدلنا إليه، والنكاح يحتمل من الجهالة ما لا يحتمل البيع، فلذلك قلنا ذلك في النكاح ومنعناه في البيع، وهذا يبطل ما قاله الشافعي من تقسيط الثمن إذا كان ما ضامه مما لا يصح بيعه، فأما إذا كان مما يصح بيعه بإجازة مالكه فبه نقول.

  وقول الشافعي: إنه يخير بين أخذه بجميع الثمن لا يصح للوجهين اللذين بيناهما؛ لأن التخيير يكون في العقد الصحيح أو الموقوف، فأما العقد الفاسد فلا يصح التخيير فيه؛ لأنه لا يصح التخيير في العقود المنطوية على الشروط المجهولة والغرر، وقد بينا فساد العقد بالوجهين اللذين قدمناهما، فلا معنى للتخيير.

  فإن قيل: ألستم تجوزن البيع برأس المال وإن لم يكن الثمن معلوماً في الحال للمشتري؟ وكذلك تجوزون بيع الشيء عدداً كل قدر منه بكذا وإن لم تكن جملة الثمن معلومة؟ فما أنكرتم أن تكون جهالة الثمن لا توجب فساد هذا العقد؟

  قيل له: إنما أجزنا ما أجزناه⁣(⁣٣) لأن الثمن يصير في الحال⁣(⁣٤) الثاني معلوماً، ونظيره ما نجيزه إذا باع ملكه مع ملك غيره؛ لأن ثمن ملكه يصير معلوماً في الحالة


(١) أي: البيع المذكور. (من هامش هـ).

(٢) «ذلك» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٣) في (أ، ب، ج): ما أجزناه أجزناه. وفي (د): ما أجزنا ما أجزناه.

(٤) «الحال» ساقط من (أ، ب، ج، د).