كتاب الطهارة
  فيه ومن القياس والاستدلال يدل على فساد ما ذهبوا إليه من القلتين، وعلى صحة ما نتأول عليه أخبارهم.
  فأما ضعف الإسناد فلأن بعض الرواة قال: قال محمد بن عباد بن جعفر بن الزبير، وبعضهم قال: قال محمد بن جعفر، ومنهم من قال: عبدالله، ومنهم من قال: عبيدالله بن عبدالله، فدل ذلك على ضعف إسنادها، وأنه لم يضبط حق الضبط.
  فإن قيل: لا يمتنع أن يكون خبر الواحد يرويه جماعة، فيكون هذا الخبر رواه محمد بن عباد بن جعفر، ومحمد بن جعفر، وعبدالله بن عبدالله، وعبيدالله بن عبدالله، فلا يجب أن يجعل ما ذكرتم طعناً فيه.
  قيل له: نحن لم ندع أن هذا الخبر ورد عل وجه يستحيل أن يرد الخبر عليه، ولو كان ذلك لقطعنا [على(١)] أنه كذب وأسقطناه.
  وإنما لم نقل ذلك وقلنا: إنه يدل على اضطراب سنده للاحتمال الذي ذكرتموه، فقد بان أن هذا الاحتمال يمنع من القطع على كذبه، ولا يمنع من اضطراب سنده وأنه غير مضبوط، وهذا يقتضي ضعف الخبر، فإنه لا بد من الفصل بين الضعف في الخبر وبين السقوط.
  وأما ما يبين أنها معارضة فهو: ما أخبرنا به أبو الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن اليمان، قال: حدثنا محمد بن شجاع، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن منذر، عن عبيدالله بن عبدالله بن عمر، عن أبيه، أن النبي ÷ قال: «إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثاً لم ينجسه شيء».
  وروي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول الله ÷: «إذا كان الماء أربعين قلة لم يحمل الخبث»(٢)، وروي في بعض
(١) ما بين المعقوفين من (ب، د).
(٢) أخرجه البيهقي في السنن (١/ ٣٩٧).