باب القول في بيع الأجناس بعضها ببعض
  يجري الكلام في الجواميس وبقر الوحش، وكذلك الكلام في الإبل.
  فإذا ثبت ذلك وجب أن تلحق بها لحومها وألبانها وسمونها؛ لأنها جزء منها، فتجري مجرى أبعاضها(١).
  ألا ترى أن خبز البر وخبز الأرز وخبز الشعير كانت أجناساً مختلفة؛ لكونها من حبوب مختلفة؟ فكذلك اللحوم والألبان والسمون.
  فإن قيل: قد اشتركت اللحوم في الاسم الأخص، وكذلك الألبان والسمون، فهلا جعلتم كلاً منها جنساً واحداً.
  قلنا: كما أن الخبز وإن اشترك في الاسم الأخص لم نجعله جنساً؛ لاختلاف أجناس ما هو منها، وكذلك اللحوم والألبان؛ لأن جميع ذلك فروع لأصول مختلفة، فوجب أن يعتبر بأصولها. على أن الشرع جعل أصولها أجناساً مختلفة، فكان إلحاقها بالأصول أولى من إلحاقها بحكم الاجتهاد؛ لأن النص أولى من الاجتهاد.
  فعلى هذا لا بأس ببيع لحم البقر بلحم الضأن والإبل، ولحم الإبل بلحم الضأن متفاضلاً يداً بيد، ولا يجوز بيع بعضها ببعض نسأ، وهذا مما قد مضى بيانه، فلا وجه لإعادته.
مسألة: [في بيع الحيوان بعضه ببعض]
  قال: ولا بأس ببيع الحيوان بعضه ببعض مثلاً بمثل ومتفاضلاً يداً بيد، ولا يجوز بيع بعضه ببعض نسأ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحيوان جنساً واحداً أو أجناساً مختلفة(٢).
  أما إذا كان الحيوان جنساً واحداً فإنا أجزنا بيع بعضه ببعض مثلاً بمثل ومتفاضلاً لأن فيه أحد وصفي علة الربا، وهو الجنس، وليس فيه الوصف
(١) في (هـ): بعضها.
(٢) الأحكام (٢/ ٣٧) والمنتخب (٤٠٠).