شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب البيوع

صفحة 99 - الجزء 4

  وأيضاً عقد البيع⁣(⁣١) إذا وقع محتملاً لوجهين أحدهما إذا حمل عليه فسد البيع، والثاني إذا حمل عليه صح البيع - يجب حمله على الوجه الذي يصح البيع؛ لوجوب حمل عقود المسلمين على الصحة ما أمكن، دليله إذا باع بدراهم مطلقة ولم يصف النقد لا خلاف أنه يجب حمله على نقد البلد الذي يجري التعامل به، وإن كان يمكن حمله على غير ذلك من النقود؛ لأن حمله على نقد البلد يوجب صحة البيع، وحمله على غير ذلك يوجب فساد البيع، فكذلك ما اختلفنا فيه يجب حمله على الاعتبار الذي قلناه ويجعل ذلك كأنه نطق به؛ ليصح البيع، ولا يجب حمله على الاعتبار الذي ذكره المخالف؛ لئلا يؤدي إلى فساد البيع. ويشهد لذلك جميعاً الأرطال والأمناء والمكاييل إذا بيع الشيء على ذلك أو أسلم يجب حمله على ما يجري التعامل به؛ ليصح العقد، دون ما عداه؛ لئلا يفسد العقد.

  فإن قيل: العرف كالنطق؛ فلذلك وجب حمله عليه.

  قيل له: وما ذكرنا أيضاً كالمنطوق به؛ لأنهما دخلا في العقد لتصحيحه، فصار ما يصححه كالمنطوق به إذا كان يحتمله.

  فإن قيل: فهلا حملتم بيع درهمين بدرهم على أنه درهم بدرهم، والدرهم الثاني هبة.

  قيل له: لأن عقد الهبة عقد لم يدخل⁣(⁣٢) فيه، فلا يصح أن يلزمهما، وليس كذلك مسألتنا؛ لأن ما صرفنا العقد إليه أحد الوجهين اللذين احتملهما العقد، فلم نلزمهما عقداً لم يدخلا فيه.

  فإن قيل: جوزوا على اعتباركم صاعاً من تمر بصاعين منه على أن يكون نوى أحدهما بتمر صاحبه، ونواه بتمر الآخر.

  قيل له: لا يجوز ذلك؛ لأنه يؤدي إلى خلاف النص الوارد، وإذا سقط ذلك


(١) في (هـ): المسلمين.

(٢) لعلها: يدخلا.