شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في خيار البيعين

صفحة 121 - الجزء 4

  واحد منهما دخل في العقد للتمليك بنفس العقد.

  وروي: «من باع عبداً [له مال] فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع»، فجعله للمبتاع بالشرط من غير اشتراط⁣(⁣١) التفرق.

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «البائعان بالخيار ما لم يفترقا⁣(⁣٢)». فجعل لهما الخيار قبل التفرق.

  قيل له: وقد روي: «المتبايعان بالخيار»⁣(⁣٣). وهذان الاسمان لا يكونان ثابتين لهما إلا في حال الفعل؛ لأن أسماء الفاعلين إنما تكون أسماء للفاعلين على الحقيقة في حال الفعل، وأما بعد تقضي الفعل فإنما يجري ذلك الاسم عليهما على سبيل المجاز.

  وهذا كقول القائل في رجلين: إنهما متحاربان أو متقاتلان أو متضاربان، في أن ذلك لا يستعمل إلا في حال كونهما كذلك.

  يؤكد ذلك أنهما لو تفاسخا بعد البيع كانا متفاسخين، فلو كان الاسم يبقى بعد الفعل كانا في الحقيقة متفاسخين متبايعين، وذلك تناقض، فصح ما قلناه، وإذا صح ذلك ثبت أن المراد بقوله: «البيعان» وقوله: «المتبايعان» المتساومان؛ لأن السوم يعبر به عن البيع، كما روي عنه #: «لا يبيعن أحدكم على بيع أخيه»⁣(⁣٤)، وفي خبر آخر: «لا يسومن [أحدكم] على سوم أخيه»⁣(⁣٥). فعبر عن السوم تارة بالبيع وتارة بالسوم، فعلم أن البيع يستعمل في السوم.

  وروى نافع عن ابن عمر أن النبي ÷ قال: «كل بيعين لا بيع بينهما حتى


(١) «اشتراط» ساقط من (أ، ب، ج، د).

(٢) في (أ، ج، د): يتفرقا.

(*) أخرجه البخاري (٣/ ٦٤) وابن ماجه (٢/ ٧٣٥).

(٣) أخرجه أحمد في المسند (١/ ٤٥٦) والنسائي (٧/ ٢٤٨).

(٤) أخرجه النسائي (٧/ ٢٥٨).

(٥) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٥٦٥).