شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب البيوع

صفحة 124 - الجزء 4

  قيل له: ذلك محمول على الوجه⁣(⁣١) الذي قلناه من خيار الشرط في المجلس.

  فإن قيل: فقد روي: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما لصحابه: اختر»⁣(⁣٢).

  قيل له: معناه أن الخيار يبطل بالتفرق إلا أن يجعل أحدهما لصاحبه شرطاً⁣(⁣٣) كان الخيار ثابتاً، «أو» [تستعمل بمعنى «إلا أن»⁣(⁣٤)، كما تقول: لا تدخل الدار أو يأذن لك صاحبها، معناه إلا أن يأذن لك، وكذلك تقول: لا تصل أو تتطهر، معناه إلا أن تتطهر.

  ويدل على ذلك: أن البيع هو الإيجاب]⁣(⁣٥) والقبول، فمتى حصلا وجب أن يكون البيع تاماً لا خيار فيه؛ دليله الخلع والنكاح، والمعنى أن كل واحد منهما إنما هو القبول والإيجاب، فلم تفتقر صحة واحد منهما إلى غير القبول والإيجاب، فكذلك البيع. ويشهد له العتق على مال والكتابة، وإن شئت قلت: هو عقد معاوضة، فيجب ألا تفتقر صحته إلا إلى الإيجاب والقبول. وليس يلزم على ذلك الهبة؛ إذا الهبة عندنا غير مفتقرة إلى القبض، وصحتها بالقبول والإيجاب عندنا فقط.

  وأيضاً لو كان الخيار موجباً عن عقد البيع كان يجب ألا يصح عقد الصرف؛ لأن من شرط صحته أن يتفرقا وليس بينهما⁣(⁣٦) شيء، كما روى ابن عمر أن النبي ÷ قال في الصرف: «لا بأس ما لم يفترقا وبينهما شيء»⁣(⁣٧)، فلو لم ينبرم


(١) «الوجه» ساقط من (هـ).

(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٦٤).

(٣) في (أ، ج): خيار الشرط.

(٤) والدليل على أنها هنا بمعنى إلا أن إثبات الواو في «يقول».

(٥) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).

(٦) في (أ، ج): أن لا يتفرقا وليس بينهما. وفي (ب، د): أن لا يتفرقا وبينهما شيء.

(٧) أخرجه أبو داود (٢/ ٤٥٦) والنسائي (٧/ ٢٨١) بلفظ: ما لم تفترقا وبينكما شيء.