كتاب البيوع
  فهذا(١) الاسم لا يكون حقيقة إلا بعد حصول البيع.
  قيل له: قول النبي ÷ وكذلك قول الله تعالى يجب(٢) حملهما على ما جعله العرف حقيقة دون ما يوجبه أصل اللغة والاشتقاق، والعرف عرفان: عرف اللغة وعرف الشرع، كما قلنا ذلك في الغائط والدابة والصوم والصلاة، فإذا ثبت ذلك فقد علمنا أن عرف اللغة قد جعل التفرق حقيقة في الأقوال إذا استعمل فيما يكون مخاطبة ومفاوضة، حتى لا يعقل عند الإطلاق إلا ذلك، فوجب حمل قوله ÷ فيما اختلفنا فيه على تفرق الأقوال؛ لأنه وارد في حكم الإيجاب والقبول والسوم والبيع، وكل ذلك أقوال، كما يجب أن يحمل قول القائل: «فلان وفلان اتفقا في كذا ثم افترقا» على تفرق القول؛ لتعلق ذلك بالأقوال، كذلك البيعان، فلا بد من أن يدخلهما المجاز على المذهبين جميعاً؛ لأن حقيقة الأسماء المشتقة من الأفعال لا تستعمل حقيقة في الفاعلين إلا حال الفعل، كالمصلي والقائم والقاعد وما جرى مجراها، والبيع لا يحصل إلا بخروجهما عن حقيقة البيعين، فلا بد من أن يكون ذلك على مذهبهم مجازاً، [كما أنه إذا استعمل في اسم السوم كان مجازاً](٣) فلما استوينا(٤) في هذا الوجه لم يكن لهم به تعلق.
  فإن قيل: فقد روي في بعض الأخبار: «حتى يفترقا عن مكانهما الذي عقدا فيه»(٥).
(١) في (ب): هذا.
(٢) «يجب» ساقط من (أ، ب، ج، د).
(٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب، د).
(٤) في (أ، ب، ج، د): استويا.
(٥) أخرجه الدارقطني في السنن (٣/ ٤٧٥) والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٤٤٥) بلفظ: أيما رجل ابتاع من رجل بيعة فإن كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما.