شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في خيار البيعين

صفحة 132 - الجزء 4

  ولا يمكنه رد المعيب [فيلزمه البيع، فإذا مات]⁣(⁣١) وجب⁣(⁣٢) عليه الثمن، وأيضاً إذا مات أو تلف إن كان ثوباً أو نحوه بطل الخيار؛ لأن الرد فيه تعذر، فبطل الخيار المتعلق به.

  فإن قيل: فإذا⁣(⁣٣) قلتم: إن خيار الرد بالعيب لا يبطل بحدوث عيب آخر عند المشتري، فلم قلتم: إن خيار الرد المشروط يبطل إذا حدث في يد المشتري عيب فيه؟

  قيل له: لأن المعيب إذا سلمه البائع فلم يسلم ما اقتضاه العقد؛ لأنه اقتضى تسليم الصحيح، فكأنه في الحكم قد سلم بعض ما اقتضى العقد تسليمه، والعيب فيه يجري مجرى فوات جزء منه، وليس كذلك التسليم مع خيار المشتري؛ لأنه قد سلم ما اقتضى العقد تسليمه موفراً صحيحاً، فإذا حدث فيه العيب لم يجز له رده معيباً وقد أخذه صحيحاً، فبطل خياره ولزمه البيع، وإذا صح ذلك بطل قول من يقول: إن على المشتري القيمة دون الثمن؛ لأنا قد بينا أن البيع قد تم وبطل الخيار، فوجب لزوم الثمن له.

مسألة: [في تلف السلعة عند المشتري والخيار للبائع]

  قال: ولو تلفت السلعة عند المشتري والخيار للبائع كانت السلعة من مال البائع، ولا يلزم المشتري شيء⁣(⁣٤).

  قال أبو حنيفة: هو من مال البائع، وأوجب القيمة على المشتري، وقال الشافعي بوجوب القيمة.

  وإنما قلنا: إنه من مال البائع لأن البائع لم يطلق البيع، بل جعل لنفسه خياراً فيه، ولم يرض بخروج الشيء عن ملكه ما لم يبطل الخيار، كما لو ساوم ولم يوقع


(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).

(٢) في (أ، ج): فوجب.

(٣) في (أ، ج): إذا.

(٤) الأحكام (٢/ ٣٣).