شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شروط البيع

صفحة 151 - الجزء 4

  والأصل في هذا: ما روي أن عائشة اشترت بريرة على أن تعتقها، وشرط البائع الولاء، فقال رسول الله ÷: «الولاء لمن أعتق»⁣(⁣١).

  وفي بعض الأخبار أن عائشة قالت لرسول الله ÷: إن أهلها يقولون: نبيعكها على أن ولاءها لنا، فقال: «لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق»⁣(⁣٢).

  فثبت بهذه الأخبار أن النبي ÷ أثبت البيع وأبطل الشرط.

  فإن قيل: روي أن بريرة كانت كوتبت، فجاءت عائشة تستعين، فقالت: إن أحب أهلك أعطيتهم ذلك جملة، ويكون ولاؤك لي، فذهبت إلى أهلها فعرضت ذلك عليهم فأبوا⁣(⁣٣). وليس في هذا الحديث أنهم كانوا يشترطون ذلك في البيع.

  قيل له: يجوز أن يكون اختصر الراوي ذلك⁣(⁣٤)، وسائر الرواة رووه على ما بيناه، ويدل على أنهم اشترطوا في البيع ما روي أن رسول الله ÷ قام عند ذلك فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «أما بعد، ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله؟ وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق». فكيف يقول ÷ ذلك لولا أنهم كانوا اشترطوا الولاء؟

  فإن قيل: روي أن زينب زوجة عبدالله بن مسعود باعت عبدالله جارية واشترطت خدمتها، فذكرت [ذلك]⁣(⁣٥) لعمر فقال: لا تقربها ولأحد فيها مثنوية⁣(⁣٦). فدل ذلك من قوله على فساد البيع، وتابعه على ذلك عبدالله، ولم يحفظ فيه خلاف⁣(⁣٧).


(١) أخرجه في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ٩٨) والبخاري (١/ ٩٨).

(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٧٣) ومسلم (٢/ ١١٤١).

(٣) أخرجه البخاري (٣/ ١٥٢).

(٤) «ذلك» ساقط من (ب، د).

(٥) ما بين المعقوفين من (هـ). ولفظ شرح معاني الآثار: فذكر ذلك لعمر.

(٦) أخرجه الطبراني في الكبير (٩/ ٢٤٥) والطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ٤٧).

(٧) في (أ، ج، د): خلافاً.