شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الرد بالعيب

صفحة 167 - الجزء 4

  صحيح، فيجب ألا يجوز تفريق الصفقة، وليس كذلك الشفيع؛ لأن سبيل المشتري سبيل الوكيل في أن بيعه ينتقل إلى الشفيع كما ينتقل شراء الوكيل إلى الموكل، ولا خلاف أن الوكيل لو اشترى شيئين أحدهما لنفسه والآخر لموكله أن الموكل يأخذ ما هو حقه دون ما هو حق الوكيل، ويفرق الصفقة، فكان حال الشفيع بحال الموكل أشبه، فلهذا قلنا: إنه يفرق الصفقة.

  فإن قيل: إن الإنسان إذا باع ما يملك وما لا يملك يوجب أن تفرق الصفقة، وتثبتون البيع فيما يملك دون ما لا يملك، فما أنكرتم مثله فيما اختلفنا فيه؟

  قيل له: الفرق بينهما أن البيع لم يتناولهما على حد واحد؛ لأنه صح فيما يملك ووقف فيما لا يملك، فصارت الصفقة كأنها صفقتان، فجاز أن يعرض الفسخ في الموقوف دون الصحيح، وليس كذلك الرد بالعيب؛ لأن عقد البيع تناول⁣(⁣١) المبيع كله على حد واحد، فكانت الصفقة على التحقيق صفقة واحدة.

  وحكى بعض الشافعية أنهم مختلفون فيه، فمنهم من يرى أن الصفقة تفرق في الرد بالعيب، ومنهم من رأى أنها لا تفرق، وأنهم لم يفصلوا بين أن يكون ذلك قبل القبض أو بعده، ووجدت في كلام ابن أبي هريرة ما دل على أن قولهم فيه مثل قولنا.

فصل: [في المشتريين للمعيب يرضاه أحدهما ويرده الآخر]

  قال في الفنون⁣(⁣٢): إذا اشترى رجلان عبداً ثم وجدا بالعبد عيباً، فأراد أحدهما أن يرضى به، وأراد الآخر أن يرد: إن من يريد أن يرضى بالعيب يلزمه أن يرد مع شريكه، أو يأخذ نصيب شريكه ويأخذ أرش العيب.

  وعند أبي حنيفة إذا رضي أحد الشريكين بطل الرد⁣(⁣٣).

  وعند الشافعي أن الصفقة تفرق ويرد من يريد الرد.


(١) في (ب): يتناول.

(٢) الفنون (٦٤٨، ٦٤٩).

(٣) ولزم كلاً ما شرى، لكن الكاره يرجع بالأرش. (شرح أزهار ٥/ ٣٦٥).