باب القول في الرد بالعيب
  جهالة في البيع ولا المبيع ولا الثمن، وكل(١) شرط لا يوجب ذلك فلا يجب أن يكون مفسداً للبيع عندنا على ما بيناه فيما تقدم.
  فإن قيل: هو يوجب جهالة في المبيع؛ لأنه لا يدري ما هو؟ وما الذي فيه من العيوب؟
  قيل له: لو كان ذلك كذلك لوجب أن يفسد البيع وإن لم يشترط البراءة إذا كان فيه عيب لم يعرفه المشتري والبائع، وذلك فاسد، فوجب سقوط هذا السؤال.
  وعلى القول(٢) الذي يجيز البيع تختلف أقواله، فمرة يفرق بين الحيوان والثياب ونحوها، ومرة يجمع بينهما، ومرة يفرق بين عيب يعلمه البائع وبين ما لم يعلم، ومرة يجمع بينهما.
  والدليل على أن هذه البراءة غير صحيحة: أنها في البيع اشتراط ترك حق له، وقد مضى الكلام في مثاله في باب شروط(٣) البيع، وبينا أن الشرط إذا لم يكن صفة للبيع ولا المبيع ولا الثمن ولا كان مما يصح أن يعقد عليه العوض منفرداً ثبت البيع دون الشرط، وذلك بأن يبيع ويشترط الولاء لنفسه؛ لأنه شرط ترك حق للمشتري من غير أن يكون ذلك صفة للبيع أو المبيع أو الثمن، وكذلك من اشترى جارية على ألا يطأها ثبت البيع وبطل الشرط؛ لأنه اشترط على نفسه ترك حق هو له على الوجه الذي بيناه، فوجب أن يسقط الشرط فيما اختلفنا فيه؛ لأنه اشترط على المشتري ترك حق هو له، وهو الرد بخيار العيب.
  فإن قيل: أليس لو نص على عيب بعينه ورضي به المشتري صح ذلك؟
  قيل له: بين هذا وذاك فرق؛ لأن هذا شراء المعيب، وشراء المعيب جائز،
(١) في (أ، ج): بل كل.
(٢) في (أ، ج، هـ): وعلى هذا القول.
(٣) في (أ، ج): شرط.