شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في الرد بالعيب

صفحة 170 - الجزء 4

  وليس ذلك كذلك؛ لأنه لم يجعله معيباً يتعلق البيع به مع العيب، وإنما شرط عليه أن يترك حقاً يكون⁣(⁣١) له، وهو الرد بالعيب. وايضاً لا خلاف أنه لو قال: قد أبرأتك من عيب واحد أو عيبين أو أكثر من ذلك ولم ينص عليه كان ذلك باطلاً؛ والعلة أنها براءة من عيب مجهول، فكذلك ما اختلفنا فيه.

  فإن قيل: فيما ذكرناه أولاً من الوجه الأول أنه براءة⁣(⁣٢) من العيوب، وليس هو اشتراط ترك حق له.

  قيل له: إنه وإن كان بلفظ البراءة فالمعنى فيه هو اشتراط ترك حق له؛ لأن تحصيله أنه اشترط عليه ألا يرده بعيب إن وجد فيه، وما يراعى في صحة البيع والشرط وفسادهما إنما هو في المعاني دون العبارات.

مسألة: [في أن للمشتري رد المعيب أينما وجد المالك]

  قال: ولو أن رجلاً اشترى من رجل سلعة فحملها إلى بلد غير البلد الذي وقع البيع فيه فوجد بها عيباً، ولقي البائع في ذلك البلد - كان له أن يردها عليه فيه، ولم يكن للبائع أن يطالب المشتري بردها إلى البلد الذي انعقد فيه البيع⁣(⁣٣).

  ووجهه: أن الرد حق للمشتري لا تعلق له بالمواضع، فله أن يستوفيه من البائع في أي موضع وجده فيه؛ دليله سائر الحقوق كالدين والقصاص والكفالة؛ لأنها أجمع حقوق لا تتعلق بالمواضع التي وجبت فيها.

  وإنما احترزنا بقولنا: لا تعلق له بالمواضع من السلم، فإن السلم إذا كان من شرطه تسليم المسلم فيه في موضع بعينه صحت المطالبة بتسليمه في ذلك الموضع.


(١) «يكون» ساقط من (هـ).

(٢) في (ب، د): أبرأه.

(٣) المنتخب (٣٥٧).