كتاب البيوع
  ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في أقل من النصف أو الثلث أنه يستبدل ولا ينقض(١) الصرف، فكذلك إذا زاد على النصف، والعلة أنه استبدال الرديء من الدراهم في الصرف، فيجب ألا ينتقض الصرف.
  وحكي عنه(٢) أن القياس أن ينتقض(٣) الصرف في القليل والكثير؛ لكنه استحسن في القليل ألا ينتقض لجواز الرديء بالجيد من العين والورق مثلاً بمثل.
  وهذا غير مسلم؛ لأن القياس على ما بيناه ألا ينتقض الصرف، فوجب أن يستوي فيه القليل والكثير.
  وأيضاً(٤) هذا القول يدل على أن يحيى بن الحسين # يرى أن الدراهم والدنانير لا تتعين بالعقد؛ لأنها لو تعينت لجرت مجرى السلع المبيعة في أنها إذا وجد فيها عيب لم تستبدل، فإذا صح ذلك فإن الصرف لم يتعلق بدراهم بأعيانها، فيجب أن يجوز استبدالها كما يجوز استبدال السلم إذا وجد فيه عيب.
  وليس لهم أن يقولوا: إن الصرف ينتقض؛ لأن الصرف قد تم على ما بيناه، فرده لا يوجب فيه النقض. وأيضاً هما لم يفترقا إلا عن قبض، ولم يقصدا فيه إلى أن يكون قبض بعد افتراق، وما يطرأ على العقد بعد الانبرام يخالف ما تنطوي العقود عليه؛ ألا ترى أن المشتري يرد السلعة بالعيب ولو بعد حين ويثبت خياره فيه، ولو انطوى البيع على خيار مجهول فسد البيع؟ فكذلك حال الصرف. وكذلك إذا رجع بأرش العيب على البائع يكون ذلك حطاً من الثمن، ويصير الثمن ما بقي، ولو باعه بكذا إلا ما ينقص منه من أرش العيب فسد البيع.
(١) في (هـ): ينتقض.
(٢) في (أ، ب، ج، هـ): ولا معنى لقولهم: القياس.
(٣) في المخطوطات: أن لا ينتقض. وظنن في (هـ) بـ: «أن ينتقض» وهو الذي في شرح مختصر الطحاوي (٣/ ٤٢)، والكلام دال عليه.
(٤) في (ب، د): وابتناء.