شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السلم

صفحة 216 - الجزء 4

  يقال: إنها في يد المودع بمنزلة كونها في يد المالك؛ لأن يد المودع يد المالك، فلا يجوز أن يجعلها سلماً؛ لأن الإقباض لا يكون حصل حكماً إلا أن يأذن له في قبضه من نفسه فيقبضه بأن ينقله من موضع إلى موضع لنفسه؛ لأن من مذهبه أنه يصح من الإنسان أن يقبض الشيء من نفسه لغيره، نص عليه في المنتخب في مسألة شراء ........ (⁣١).

  وإذا جاز ذلك جاز أن يقبضه من نفسه لنفسه، فعلى هذا لا يصح أن تجعل⁣(⁣٢) سلماً ما دامت على صفة الوديعة حتى يحصل النقل في المجلس قبل أن يتفرقا على ما قلناه من أنه لا بد من تعجيل رأس مال السلم قبل التفرق.

  قال⁣(⁣٣): ولو كان عليه عشرة دنانير ديناً أو عنده وديعة فدفع إليه عشرة أخرى على أن يكون العشرون سلماً صح نصف سلمه وبطل نصفه⁣(⁣٤).

  ووجهه: ما بيناه فيما مضى فيمن باع ملكه وملك غيره أن البيع يصح في ملكه؛ لأن الفساد لم يعترض فيه حين وقع؛ لصحته فيما يملك، ووقوفه فيما لم يملك، فكذلك في هذه المسألة؛ لأن السلم صح فيما قبضه المسلم إليه، ووقف فيما لم يقبضه إلى حين التفرق، فلم يقع العقد منطوياً على الفساد؛ ألا ترى أنه لو استوفى دينه أو وديعته في المجلس وأقبضه قبل التفرق لصح السلم؟ وإنما يفسد لو لم يجر فيه القبض حتى يقع التفرق، وعلى هذا نقول: لو باع ديناراً بعشرة دراهم فقبض خمسة منها في المجلس ولم يقبض الخمسة حتى تفرقا: إن الصرف يصح في نصف دينار، المقبوض بدله، ويفسد في نصفه.


(١) بياض في المخطوطات.

(٢) في (ب): يجعله.

(٣) في (أ، ج): مسألة: قال.

(٤) الأحكام (٢/ ٧١) والمنتخب (٤٠٩).