شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السلم

صفحة 228 - الجزء 4

  فإن قيل: لا خلاف أن وقوع التفاوت فيما يسلم فيه يبطل السلم، واللحم يتفاوت.

  قيل له: لا خلاف أن يسير التفاوت معفو عنه في السلم، لولا ذلك لبطل السلم رأساً؛ لأن شيئاً منه لا يسلم من يسير التفاوت، واللحم إذا ذكر الحيوان وجنسه ونوعه كأن يقال: لحم شاة أو بقرة أو جمل، ويذكر المعلوف منها والسائم منها، ويذكر جلب ناحية إن كان يتفاوت ذلك، ويذكر العضو والسمن والهزال، ويذكر العظم الذي فيه، أو يذكر مخلوعاً من العظم - زال التفاوت في مجرى العادات، ولم يبق بعد ذلك من التفاوت إلا القدر اليسير الذي يكون دون تفاوت الثياب والبسط والأكسية التي لا خلاف في جواز السلم فيها، فوجب أن يصح السلم فيها وألا يبطله التفاوت.

  على أنه إذا ضبط بصفة لا تتغير معها القيمة في اللحم وجب أن يصح السلم قياساً على سائر ما يجوز السلم فيه من المكيل والموزون والثياب. على أن أبا حنيفة يجيز السلم في البيض عدداً، ونحن نعلم أن التفاوت فيه من الصغر والكبر أعظم من التفاوت في اللحم إذا وصف بما ذكرناه.

  وأما الشواء فالطريقة في تصحيح السلم فيه هي الطريقة التي بيناها في اللحم، فلا وجه لإعادته، والشافعي لا يجيز السلم فيه.

  فإن قيل: إنه يختلف ويتفاوت؛ لأنه لا يمكن ضبط ما تأخذه النار منه.

  قيل له: يمكن ذلك حتى يقل التفاوت ويكون أقل من سائر التفاوت المعفو عنه في السلم، ألا ترى أن الثياب المصبوغة يصح فيها السلم وإن كان لا يمكن أن تضبط حتى يعلم تأثير قدر⁣(⁣١) الصبغ فيها على التحقيق إذا وصف بحيث يكون التفاوت فيه يسيراً، فكذلك تأثير النار، ونظائره كثيرة، نحو تأثير الشمس


(١) «قدر» ساقط من (ب). وفي (د): حتى يعلم قدر تأثير.