شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في السلم

صفحة 233 - الجزء 4

  ÷ أن اليهودي لما جاءه عند انتهاء آخر الأجل تقاضاه، فقال له رسول الله ÷: «يا يهودي، إن لنا بقية يومنا هذا»⁣(⁣١).

  فدل ذلك على أن الحق إذا وجب في اليوم كان اليوم كله وقتاً له، وأن الخيار للمسلم إليه في أن يوفيه في أي وقت من اليوم شاء، وكان القياس أن يوفيه في أول ذلك اليوم؛ لأنه وقت المحل، لكنه ترك القياس فيه للأثر الذي رواه عن النبي ÷؛ لأن المسلمين لا يستحسنون حبس من يقول لغريمه: أوفيه بعد ساعتين أو ثلاث، أو بعد أن أصلي. ويمكن أن يقاس على النية لما وجبت للصوم في آخر جزء من الليل وتعذر ضبطه صار الليل كله وقتاً لها، وكذلك القول في النهار، بعلة أنه في أحد طرفي الليل والنهار وتعذر ضبطه.

  قال: فإن أسلم إلى رأس الشهر وجب أن يأخذ حقه في الليلة الأولى إلى طلوع الشمس من الشهر الثاني.

  قال: وكذلك القول إن أسلم إلى رأس السنة⁣(⁣٢).

  وذلك أن رأس الشيء أوله وما علا منه، لذلك يقال: رأس الجبل ورأس الرمح لما علا، ولأن ما بعده يكون في جانب النقصان، وكذلك رأس الشهر ورأس السنة، ولا يجوز إفساد⁣(⁣٣) السلم لتجويز أن يعبر عن آخر الشهر برأس الشهر؛ لأن التفاوت فيه يقل؛ لأنه يكون قدر ساعة أو أقل؛ ولأن العادة والعرف جاريان بأن يعبر برأس الشهر عما علا منه وعن أوله، فكان القياس أن يكون إلى طلوع الفجر، إلا أنه جعله إلى طلوع الشمس لأن التصرف في أعم الأحوال يكون بالنهار، فجعل بعض النهار من وقته.


(١) وهو في أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٥٩).

(٢) الأحكام (٢/ ٦٥).

(٣) في المطبوع: فساد.