باب القول في السلم
  ادعاه، ولم ندفع إليه ما ثبت بالعقد الآخر؛ لأنه لا يدعيه، ويبطل إقرار المسلم إليه فيما أقر له به فبطلت بينته؛ لأنه بمنزلة من يقر لغيره بحق ويقيم عليه البينة وهو مبطل لإقراره في أن بينته تبطل.
  فإن قيل: فيلزمكم على هذا ألا تقبلوا بينة المسلم إليه [وإن لم يكن للمسلم بينة.
  قيل له: لا يلزم ذلك؛ لأنه بتجرد دعوى المسلم إليه](١) أنه يلزمه قبض ذلك عما قبضه من رأس المال، فتسمع بينته، ولأنه لا يؤدي إلى أن يدفع إلى المسلم أكثر(٢) مما يدعيه.
مسألة: [في اختلاف المسلم والمسلم إليه في صحة السلم وفساده]
  قال: وإذا قال المسلم: أسلمت سلماً فاسداً، وقال المسلم إليه: لا، بل أسلمت سلماً صحيحاً، فأيهما أقام البينة قبلت بينته، فإن أقاماها جميعاً كانت البينة بينة المسلم إليه، وإن لم يكن لواحد منهما بينة فالقول قول من حلف منهما، وإن حلفا جميعاً فالقول قول من يثبت [صحة] السلم، وإن نكلا جميعاً بطل السلم(٣).
  قلنا: أيهما أقام البينة قبلت بينته لأنه لم يثبت إلا عقد واحد، فأيهما أقام البينة على صفة ذلك العقد وجب أن تكون مقبولة، ويجب على هذا أن المدعي للصحة لو ادعى عقداً ثانياً يحلف له المنكر لصحة السلم.
  وقلنا: إنهما إن أقاما جميعاً البينة كانت البينة بينة المسلم إليه لأنه المدعي لصحته، وكذلك لو كان المدعي لصحة السلم هو المسلم كانت البينة بينته، فالاعتبار بمن يدعي صحة السلم في أن البينة بينته.
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج، هـ).
(٢) في (أ، ج، هـ): إلى المسلم إليه أكثر.
(٣) الأحكام (٢/ ٧٣).