باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها
  بالشريك، وربما كان التأذي به أشد؛ لأن الجار له أن ينفرد بالأبنية المؤذية، وليس ذلك للشريك. على أن في أخبارنا نصوصاً لا تحتمل التأويل، فصار قولنا أولى.
مسألة: [في شفعة أهل الذمة فيما مصَّره المسلمون]
  قال: وكل مصر مَصَّرَه المسلمون فلا شفعة فيه للذمي(١).
  ووجهه: أن المصر لا حق لهم فيه إلا ما يملكون، فلا يفسح لهم في الشفعة؛ ليكون تفرقة بين المصرين، ولما(٢) روي عنه ÷ من أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه(٣)، وقال تبارك وتعالى: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْ اُ۬لسُّفْلَيٰۖ وَكَلِمَةُ اُ۬للَّهِ هِيَ اَ۬لْعُلْيَاۖ}[التوبة: ٤٠]، ولا(٤) يفسح لهم في مصر مصره المسلمون ليتحكموا فيه ويعلوا.
مسألة: [في شفعة أهل الذمة فيما مصروه]
  قال: فإن كان مصراً مصره الكفار كان لأهل الذمة أن يشفع بعضهم على بعض، ولم يكن لهم شفعة على المسلمين(٥).
  ووجه منعهم أن يشفعوا على المسلمين ما قدمنا، ولأن الشفعة موضوعة لدفع التأذي، وقد أذن لنا في بعض الإيذاء لهم، قال الله تعالى: {حَتَّيٰ يُعْطُواْ اُ۬لْجِزْيَةَ عَنْ يَّدٖ وَهُمْ صَٰغِرُونَۖ ٢٩}[التوبة]، وعن(٦) النبي ÷: «إذا كنتم معهم في طريق فألجئوهم إلى المضيق»(٧).
  وعن علي # أنه حاكم نصرانياً إلى قاضيه شريح، فجلس إلى جنب شريح
(١) الأحكام (٢/ ٧٨).
(٢) في (أ، ج): وبما.
(٣) أخرجه الدارقطني في السنن (٤/ ٣٧١) والبيهقي في السنن الكبرى (٦/ ٣٣٨).
(٤) في (هـ): فلا.
(٥) الأحكام (٢/ ٧٩).
(٦) في (ب، د، هـ): وقول النبي. وفي نسخة في (هـ): وعن النبي.
(٧) أخرج نحوه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٣٠).