باب القول فيمن تجب له الشفعة وكيفية وجوبها
  [ووجهه: أن ما كان يستحق به الشفعة قد خرج عن ملكه](١) فبطلت شفعته كالأجنبي؛ ألا ترى أنه لما لم يكن بينه وبين المشتري شيء من حقوق الشفعة قائم لم يكن له شفعة؟ فكذلك الشريك إذا باع نصيبه.
  على أن الشفعة موضوعها - والله أعلم - لدفع ضرر المشاركة والمجاورة، فإذا باع الشريك نصيبه خرج من أن يكون يخاف أذىً أو ضرراً بالمشاركة، فزال سبب الشفعة، فوجب ألا تكون له شفعة. وأما مشتريه فإنه ملك بعد ما ملك المشتري الأول، فلم يكن له عليه شفعة؛ لأن الشفعة لم تدخل عليه في شربه أو جواره. ويجب أن يكون للمشتري الأول الشفعة على المشتري الثاني؛ لأنه داخل عليه في الشركة، كما تثبت له على مشترٍ ثالث لو دخل عليه في الشركة، والعلة دخوله عليه في الشركة.
مسألة: [في أن الشفعة على الرؤوس لا على الأنصباء]
  قال: والشفعة على عدد الرؤوس لا على عدد الأنصباء(٢).
  وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأحد قولي الشافعي، وله قول آخر أنها على عدد الأنصباء.
  ووجهه: ما ذكره يحيى بن الحسين # من أن صاحب النصيب الأقل لو انفرد لاستحق الجميع كما يستحقه صاحب الأكثر، فإذا اجتمعا وجب أن يقسم المشفوع فيه بينهم بالسوية، كالرجلين يدعيان شيئاً ولأحدهما شاهدان وللآخر ثلاثة من الشهود يقسم الشيء بينهم بالسوية، والعلة أن كل واحد منهما لو انفرد لاستحق الجميع، وكذلك الابنان والأخوان في الإرث. ولا خلاف في الجارحين لو جرح أحدهما جراحة واحدة والآخر جراحات عدة فمات المجروح أن الدية
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٢) الأحكام (٢/ ٨٦) والمنتخب (٣٨٠، ٣٨١).