شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الشفعة

صفحة 261 - الجزء 4

  وحكي عن بعض أصحابه أنه يجيء على قياس قوله أن يخبر⁣(⁣١) رجل عدل.

  وحكى عن أبي يوسف ومحمد أنهما اعتبرا في الخبر أن يكون الخبر حقاً، سواء كان المخبر حراً أو عبداً أو صبياً أو امرأة، عدلاً⁣(⁣٢) أو غير عدل بعد أن يكون الخبر صدقاً. ولا أحفظ فيه عن أصحابنا نصاً، والذي عندي فيه أن الخبر يجب أن يكون ما يغلب على ظنه أنه صدق من غير مراعاة أحوال المخبر؛ لأن أكثر أحوال المعاملات يتعلق به⁣(⁣٣)، كقبول الهدايا وطهارة الشيء ونجاسته، وكالاستباحات⁣(⁣٤) التي تكون بين الناس وما أشبه ذلك، هذا فيما للإنسان وعليه فيما بينه وبين الله تعالى، فإن أراد أن يلزم أمراً غيره فلا بد من شهادة تامة وعدالة، وما ذكرنا من أمر الشفعة هو شيء بينه وبين الله تعالى، ويسقط حقه، وليس فيه إلزام الغير شيئاً، فوجب أني يراعى في الخبر أن يكون مغلباً للظن.

  على أن الأخبار التي لا تغلب الظن لا تأثير لها في سائر الأحكام، فوجب أن يكون خبر الشفعة كذلك، ولأن ذلك ليس بحكم، فلا يجب أن تراعى فيه العدالة كما قلنا في قبول الهدايا وما أشبهه، فإذا بلغ الرجل خبر بيع على صفة فكان عنده أنه بيع فاسد فترك الشفعة كان ذلك تسليماً وإن علم بعد ذلك أن الحاكم قد أجاز ذلك البيع؛ لأن تسليمه لكونه على صفة كان عليها، والصحة والفساد حكمان يتبعان تلك الصفة، فيجري مجرى أن يعتقد ألا شفعة بالجوار فيترك شفعة دار بيعت إلى جنب داره في أنه ليس له أن يعود إلى طلب الشفعة إذا علم أن الحاكم يحكم له بها، وكذلك لو بلغه أن الشراء بعرض فقدر ألا شفعة فتركها كان ذلك تسليماً.


(١) في (هـ): أنه بخبر.

(٢) في (أ، ب، ج، د): أو عدلاً.

(٣) أي: بظنه.

(٤) في (هـ): والاستباحات.