شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في كيفية أخذ المبيع بالشفعة

صفحة 272 - الجزء 4

  عقد البيع⁣(⁣١)، فإن اختار أخذه⁣(⁣٢) كان في الحكم كأنه أخذه منه يوم عقد البيع، فيكون الضرر داخلاً عليه في ملكه، فإذا أخذه المشتري فكأنه أتلف حق الشفيع⁣(⁣٣) فلزمه الضمان، وإنما لم نضمنه القيمة لأنه لم يكن متعدياً فيه، وكان متصرفاً في ملكه، وأوجبنا حط ما خصه من الثمن عن الشفيع.

  ويوضح ذلك أنه لا يخلو من أحوال ثلاثة: إما أن نقول: للشفيع أخذ الباقي بقيمته، أو يضمن المشتري قيمة ما أخذ على التحقيق، أو نقول للشفيع: خذ الباقي بحصته من الثمن. ولا يجوز أن نقول له: خذ الباقي بقيمته؛ لأنه يؤدي إلى أن يربح المشتري أو يدخل عليه الخسران، وكلا الأمرين فاسد؛ لأنه يخالف موضوع الشفعة؛ لأن موضوعها أن يأخذ الشفيع ما يأخذه بما بذله المشتري من الثمن أو ما يقوم مقامه.

  ووجه الربح فيه أن يكون المشتري اشتراه بدون قيمته، فيكون قد انتفع بما انتفع، وأخذ من قيمة الأرض فوق ما اشتراه به. ووجه الخسران أن يكون اشتراه بأزيد من قيمته، فإذا أعطاه القيمة كان قد أخسره، وهذا الربح والخسران يجوز أن يتفاوتا ويعظما، ففسد ذلك.

  ولا يجوز أن نقول للمشتري: اضمن قيمة ما أخذت؛ لوجهين⁣(⁣٤):

  أحدهما: أنه يؤدي إلى ما ذكرنا من الربح والخسران، وربما أدى إلى أن يجب للشفيع أخذ الباقي بغير بدل، بأن تكون قيمة المستهلك محيطة بالثمن، وهذا لا معنى له.

  والوجه الثاني: أن المشتري استهلك ملك نفسه، فلا وجه لتضمينه.


(١) «البيع» ساقط من (ب، د).

(٢) في (أ، ج، هـ): فإذا أخذه.

(٣) في (ب): المشتري. وظنن بـ: الشفيع.

(٤) في (ب، د، هـ): لأمرين. وفي نسخة في (هـ): لوجهين.