شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح من الإجارة أو يفسد

صفحة 283 - الجزء 4

  وكذا قال الشافعي، وعند أبي حنيفة تسقط أجرة ما بقي من المدة، ويحكى عن أبي ثور أن الأجرة كلها لازمة.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أن العاقد على نفسه لغيره عقد معاوضة يلزمه تسليم ما التزم تسليمه بالعقد، فإن كانت له مؤنة غرمها؛ دليله من أسلم في شيء لحمله مؤنة واشترط تسليمه في مكان أن صاحب السلم يلزمه أن يغرم مؤنة الحمل؛ ليصح تسليمه ما التزم بعقد المعاوضة تسليمه. ويمكن أن يقال: يلزمه ذلك لأنه إنفاق على مال نفسه ليصح منه تسليم ما التزم بعقد المعاوضة تسليمه، وأصله ما ذكرناه في السلم. ثم الأصول تشهد لذلك؛ لأن من باع ثوراً نفوراً فعليه تسليمه إلى المشتري وغرامة تسليمه، وكذلك الصائغ والنجار وغيرهما من الصناع إن استؤجروا على عمل لهم⁣(⁣١) تلزمهم مؤنة آلاتهم ليتم لهم تسليم ما يتقبلونه من العمل، وهكذا لو تزوج رجل بامرأة وهي حائض فطهرت مع طلوع الشمس فطالبها الزوج بالدخول فعليها مؤنة الاغتسال ليتم تسليم البضع الذي التُزِم تسليمه بعقد النكاح، ونظائره كثيرة.

  وأما ما يذهب إليه أبو ثور فبعيد؛ لأن الأجرة⁣(⁣٢) هي بدل المنافع، فإذا تلفت المنافع بطلت الأجرة، كما أن السلعة المشتراة إذا تلفت قبل التسليم بطل الثمن.

  فإن كان معسراً انفسخت، فإن أيسر قبل انقضاء مدة الإجارة حكم عليه بالبناء⁣(⁣٣).

  وذلك أن الإجارة على ما بيناه تنفسخ للعذر، والإعدام عذر، ومعنى تنفسخ⁣(⁣٤): إنما هو أن قسط مدة الإعسار ينفسخ، ولا ينفسخ أصل العقد؛ لأن


(١) في (د): عملهم.

(٢) في (ب): الإجارة.

(٣) المنتخب (٤٤٤).

(٤) في (أ، ج): الفسخ. وفي (هـ): التفسخ.