شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يصح من الإجارة أو يفسد

صفحة 291 - الجزء 4

  ووجهه: أنه إذا عين منه جزءاً معلوماً للأجرة، وبين للباقي عملاً معلوماً كانت الإجارة صحيحة، ألا ترى أنه لو استأجره على ذلك العمل بشيء سواه صح؟ فكذلك إذا استأجره بجزء منه معلوم. يبين ذلك أنه لو اشترى بذلك الجزء شيئاً صح الشراء، فكذلك إذا استأجر به صحت الإجارة.

مسألة: [في المرضعة تسقي الصبي من لبن السائمة]

  قال: ولو أن رجلاً استأجر ظئراً لصبي على الإرضاع مدة معلومة فسقته مدة نحو النصف من تلك المدة من لبن السائمة كان له أن يفسخ تلك⁣(⁣١) الإجارة، وللمرأة قيمة ما سقت⁣(⁣٢).

  واستئجار الظئر مما نبه عليه قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَـَٔاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، وهو مما لا خلاف فيه.

  وأجاز فسخ الإجارة إن كانت سقته لبن السائمة، فإذا⁣(⁣٣) عرف منها خلاف الواجب في الظئورة وقلة الفكر في مصالح الصبي خيف منها على الصبي، فصار ذلك عذراً يجوز معه فسخ الإجارة.

  وأوجبنا قيمة اللبن لأنه يغذوه وإن كان دون لبن المرأة، والظئر دخلت فيما دخلت بعقد الإجارة والتماس العوض فلم تكن متبرعة.

  قال: وإن مرضت المرأة كان لكل واحد من الظئر وأهل الصبي فسخ الإجارة⁣(⁣٤).


(١) في (أ، ج): عقدة. وفي (هـ): عقد.

(٢) في (هـ): سقته.

(*) المنتخب (٤٥٧).

(٣) كذا في المخطوطات. ولعل في الكلام سقطاً، ولفظ شرح القاضي زيد: وذلك لأن لبن السائمة معلوم أنه لا يجري في تغذية الصبي مجرى لبن المرأة ولا يلائمه ملائمته، فإذا أرضعته الظئر تكون قد خانت وتعدت فيما استؤجرت، فدل ذلك على قلة اهتمامها لمصلحة الصبي، فيجب أن يكون هذا عذراً في فسخ الإجارة من حيث لا يؤمن أن ترك الصبي معها يؤدي إلى الإضرار به.

(٤) المنتخب (٤٥٧).