باب القول فيما يصح من الإجارة أو يفسد
  الإجارة صحيحة(١).
  قلنا: إن استأجره على حفر بئر حتى يخرج الماء كانت الإجارة فاسدة لأن خروج الماء يتفاوت، وربما أسرع وربما أبطأ، وهذا يقتضي الجهالة فيما وقعت الإجارة عليه، فوجب أن تكون الإجارة فاسدة.
  وقلنا في الثاني: إن الإجارة صحيحة لأن ما وقعت الإجارة عليه معلومة مضبوطة.
مسألة: [في الاستئجار على الحمل من مكان إلى آخر]
  قال: وإذا اكترى جملاً على أن يحمل له أرطالاً معلومة بأجرة معلومة من المدينة إلى مكة أو إلى عرفة أو إلى جدة كان ذلك جائزاً(٢).
  وصح لأن الحمل معلوم القدر، والأجرة معلومة، والمسافة معلومة(٣)، فلم يجب أن يعترض فيها الفساد؛ لانتفاء الجهالة عنها، فأما التعيين(٤) فإنه يحصل باستيفاء المنافع(٥)، وبه تستحق الأجرة عندنا، فلا يطعن عليه من هذا الوجه.
  قال: وإن دفع رجل ثوباً إلى مناد ليعرضه للبيع وشرط له إن لم يبعه نصف درهم، وإن باعه درهماً - صح ذلك(٦).
  ووجهه: أن الأمرين معلومان، وذكر أجرة كل واحد منهما، والبيع أمر زائد على العرض، فلم يمتنع ذلك.
(١) المنتخب (٤٦٩).
(٢) المنتخب (٤٦٩).
(٣) قال في شرح القاضي زيد: فكأن المستأجر استأجره على أن يحمل شيئاً معلوماً بأجرة إلى مكان معلوم إن شاء أو مكان آخر إن شاء، وهذا لا يقتضي الجهالة في شيء من شروط الإجارة.
(٤) أي: تعيين الموضع الذي يحمل إليه. (من هامش هـ).
(٥) قال في شرح القاضي زيد: وقوله: إلى مكة أو إلى جدة أو إلى عرفة يحتمل الأمرين: أحدهما: أن يكون المراد به التخيير كما قلنا. والثاني: بيان ذكر المسافة، وغرضه أن ذكر المسافة في الإجارة كذكر المدة.
(٦) المنتخب (٤٧٧).