شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في وجوب الأجرة

صفحة 304 - الجزء 4

  وهذا إذا كانت الإجارة تعينت في الجمل ولم يكن المكتري سلم نفسه إلى الجمال ليحمله، فإن كان سلم نفسه إلى الجمال ليحمله لم يتغير الجواب في ترك الجمال للمكتري في الوجهين⁣(⁣١).

  وذلك أن المنافع التي تناولتها الإجارة حصلت إلى موضع مخصوص، فوجب أن يكون ما استحقه الجمال من الكراء ما يقابل تلك المنافع، وأيهما خالف يكون مسيئاً، والحكم ما بيناه. فأما إذا كانت الإجارة معينة في حمل المكتري فمتى خالف المكتري الجمال في بعض الطريق فلا أجرة للجمال إلا إلى حيث حمله؛ لأن المنافع لم تحصل إلا إلى ذلك الموضع، وإن كانت الإجارة متعينة في الجمل فترك المكتري في بعض الطريق فالكراء يلزمه إلى حيث شارطه؛ لأنه اكترى الجمل وسلمه ثم لم يركبه، فالمنافع في حكم الحاصل له وإن كان هو لم ينتفع بها، كما نقول في الدخول: إن المرأة إذا دخلت وسلمت نفسها استحقت جميع المهر وإن لم يجامعها الزوج؛ لأن نفع البضع قد حصل له وإن كان هو لم ينتفع به.

  قال: فإن حمل على الجمل غير المكتري حين تركه المكتري فلا أجرة للجمال من حيث حمل غيره.

  وذلك أن الجمال قد منعه المنافع واستوفاها لنفسه، فلم يستحق عوضها على من اكترى أولاً.


(١) وهما حيث تعينت الإجارة في الحامل أو المحمول. (من هامش هـ).

(*) ولفظ شرح القاضي زيد: قال السيد المؤيد بالله قدس الله روحه: أما إذا تركه الجمال فلا فصل في ذلك بين أن تكون الإجارة تعينت في الجمل أو في حمل نفسه في أن الجمال لا يستحق الكراء إلا إلى حيث حمله، وأما إذا ترك المكتري الجمال فإن كانت الإجارة متعينة في حمل المكتري فلا أجرة للجمال أيضاً إلا إلى حيث حمله، وإن كانت متعينة في الجمل لزم المكتري كراء الجمل إلى حيث شارطه إذا سلم الجمال جمله إليه.