شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في وجوب الأجرة

صفحة 307 - الجزء 4

  متبرعاً. على أنه يجري⁣(⁣١) مجرى أن يأخذه فينسجه له بغير أمره، ومجرى سائر ما يتبرع به الإنسان لغيره مما يستحق به الأجرة.

  قال: ولو أن صباغاً دفع إليه رجل ثوباً على أن يصبغه له لوناً بدرهم فصبغه له لوناً أصبغ⁣(⁣٢) كان الصباغ في الزيادة متبرعاً، تعمده أو لم يتعمده.

  ووجه هذا هو وجه ما تقدمه؛ لأن الزيادة لم يتناولها عقد الإجارة لا على وجه الصحة ولا على وجه الفساد، فوجب أن يكون متبرعاً في الزيادة.

  قال: فإن قال الصباغ: أمرتني بصبغ يساوي عشرة، وقال صاحب الثوب: أمرتك بصبغ يساوي خمسة - كانت البينة على الصباغ، واليمين على صاحب الثوب⁣(⁣٣).

  لأن الصباغ هو المدعي، وصاحب الثوب هو المنكر، ألا ترى أن الصباغ يحاول أن يلزم صاحب الثوب حقاً لم يثبت عليه، وصاحب الثوب يمانعه ذلك؟

مسألة: [في أجرة الخياط إذا استحق الثوب الذي أمر بقطعه قميصاً وخياطته ففعل]

  قال: وإذا دفع الرجل ثوباً إلى خياط ليقطعه قميصاً ويخيطه فقطعه وخاطه ثم استحق الثوب كانت الأجرة على من أمر بتقطيع الثوب⁣(⁣٤).

  ووجهه: أنه المستأجر له على ذلك دون صاحب الثوب، فتلزمه الأجرة كالوكيل والمتبرع على غيره بذلك، ولا معتبر بكون الشيء ملكاً لغيره إذا كان هو المستأجر. وليس له أن يرجع على صاحب الثوب؛ لأنه فعله بغير أمر صاحب الثوب كما قلنا في النساج والصباغ، ويكون بذلك متبرعاً.


(١) في (أ، ج): لأنه يجري.

(٢) لفظ المنتخب (٤٧٤): فصبغه الصباغ ذلك اللون أشبع مما قال له صاحب الثوب.

(٣) المنتخب (٤٧٥).

(٤) المنتخب (٤٧٣).