شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في وجوب الأجرة

صفحة 308 - الجزء 4

مسألة: [في الإهداء لمن كلم رجلاً في حاجة لرجل]

  قال القاسم #: ولو أن رجلاً كلم رجلاً في حاجة لرجل فأهدى إليه شيئاً جاز له ذلك.

  يجوز ما قاله إذا لم يكن مشروطاً، فإن كان مشروطاً لم يجز؛ للنهي الوارد فيه، فأما إذا لم يكن مشروطاً فهو جائز؛ لأن ذلك مقابلة الإحسان بالإحسان ومكافأة على الإحسان، وقد قال الله تعالى: {۞هَلْ جَزَآءُ اُ۬لْإِحْسَٰنِ إِلَّا اَ۬لْإِحْسَٰنُۖ ٥٩}⁣[الرحمن]، وقال: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٖ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَاۖ}⁣[النساء: ٨٥].

  قال القاسم #: ولا بأس بكسب الحجام.

  لأنه صنعة مباحة، وروي أن النبي ÷ أمر حجاماً فحجمه.

  وروى محمد بن منصور بإسناده عن علي # قال: (احتجم رسول الله ÷ فأمرني فأعطيت الحجام صاعاً)⁣(⁣١).

  وروى بإسناده عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله ÷ وأعطى الحجام أجرته⁣(⁣٢).

مسألة: [في الرشوة على الحكم وأجرة الكاهن والبغي والغازي]

  قال: والارتشاء⁣(⁣٣) على الحكم حرام⁣(⁣٤).

  لا خلاف في كونه حراماً بين المسلمين؛ لأن المرتشي آثم؛ لأنه أخذ العوض على ما لزمه ووجب عليه.

  فإن قيل: إنكم⁣(⁣٥) تجوزون أن يأخذ القاضي رزقاً من الإمام، وروي أن أمير المؤمنين أعطى شريحاً⁣(⁣٦).


(١) أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٨٧).

(٢) أمالي أحمد بن عيسى (٣/ ١٨٧).

(٣) في (أ، ج) ونسخة في (هـ): والإرشاء. وفي (ب، د): والرشا.

(٤) الأحكام (٢/ ٣٥٨).

(٥) في (هـ): ألستم. وفيها: «إنكم» نسخة.

(٦) أخرجه في مجموع زيد بن علي (٢٠٥).