باب القول في ضمان الأجير
  الصبغ زاد في قيمة الثوب أو لم ينقص منه شيئاً أخذ الثوب ولا شيء للصباغ، وإن كان الصبغ نقصه أخذ صاحب الثوب من الصباغ قيمة النقصان؛ لأن هذا هو الأصل في الجنايات، ألا ترى أنا لو قلنا بخلاف ذلك لكان لكل(١) من جني على ملك له جناية مؤثرة أن يسلمه إلى الجاني ويطالبه بقيمة المجني عليه؟ وهذا خلاف الإجماع وخلاف موضوع الشرع.
مسألة: [في ضياع الثوب عند المنادي]
  قال: ولو أنه دفع ثوباً إلى المنادي ليبيعه فضاع الثوب ضمنه المنادي(٢).
  ووجهه: أن المنادي هو أجير مشترك وليس بأجير خاص، فوجب أن يضمنه على قولنا في الأجير المشترك.
  قال: وكل هؤلاء يضمنون ما تلف على أيديهم سواء كانت الأجرة مسماة أو غير مسماة، والإجارة فاسدة أو غير فاسدة.
  ووجهه: أنه تسلم الشيء وتقبل عمله فصار الشيء في ضمانه؛ لأن عمله قد صار مضموناً، ألا ترى أنه إذا عمله استحق الأجرة، فلو لم يعمله لم يستحق الأجرة وكان في حكم المتبرع.
  قال: وكذلك يضمن الصناع ما أفسدوه بصنعتهم، نحو أن يُنْغِل الدباغ الأديم، أو يحرق الحداد الحديد، أو يكسر النجار الخشب، أو نحو ذلك(٣).
  وهذا لا خلاف فيه بيننا وبين أبي حنيفة، وإنما الخلاف فيه بيننا وبين زفر، وقد مضى الكلام فيه.
  قال: وإن كان الإفساد أذهب من قيمته أكثر من النصف كان صاحب الشيء بالخيار بين أن يسلمه إلى الصانع ويأخذ قيمته صحيحاً كما دفعه وبين أن يأخذه
(١) في (ب، د، هـ): كل.
(٢) المنتخب (٤٧٧).
(٣) الأحكام (٢/ ٣٤) والمنتخب (٤٧٩).