شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المياه

صفحة 217 - الجزء 1

مسألة: [في أن موت ما لا نفس له سائلة في الماء لا ينجسه]

  ولا ينجس الماء أن يموت فيه ما لا نفس له سائلة كالذباب ونحوه.

  وهذا قد نص عليه في كتاب الأطعمة من الأحكام، وهو مذهب عامة الفقهاء.

  واستدل يحيى # بما أخبرنا به أبو الحسين علي بن إسماعيل، قال: حدثنا الناصر للحق الحسن بن علي @ قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي # قال: «أتي رسول الله ÷ بجفنة قد أَدَمَت، فوجد فيها خنفساة أو ذبابة فأمر به فطرح، ثم قال: سموا وكلوا، فإن هذا لا يحرم شيئاً».

  فلما أخبر ÷ أنه لا يحرم شيئاً كان ذلك عاماً في حال حياته وحال موته، في المائعات وغيرها.

  وروى أبو بكر الجصاص في شرح مختصر الطحاوي عن ابن قانع يرفعه إلى سعيد بن المسيب، عن سلمان، قال: قال رسول الله ÷: «إن كل طعام وشراب وقعت فيه دابة فماتت ليس لها دم فهو الحلال أكله وشربه ووضوؤه»⁣(⁣١). وهذا نص صريح في موضع الخلاف.

  ومما يدل على ذلك الحديث المشهور عن النبي ÷ أن قال: «إذا سقط الذباب في طعام أحدكم فامقلوه⁣(⁣٢) فيه»⁣(⁣٣).

  وقد يكون مقله مؤدياً إلى موته، ولو كان موته يفسد ما يموت فيه لم يأمر النبي ÷ بما يؤدي إليه.

  فإن قيل: هذا مثل ما أمرنا بضرب النساء عند النشوز، وبالكي والقطع عند اعتراض الأدواء، وإن جاز أن يؤدي ذلك إلى التلف.


(١) شرح مختصر الطحاوي (١/ ٢٧٣).

(٢) مَقَلَه في الماء: غمسه فيه، وبابه نصر. (مختار).

(٣) أخرج نحوه أبو داود (٣/ ٤٣٠) وابن ماجه (٢/ ١١٥٩).