باب القول في شركة المفاوضة
  قال: وتكون نفقتهما من جميع المال(١).
  وذلك أنها من جملة البيع والشراء، ولأنا لو أفردنا كل واحد منهما بالنفقة لجوزنا أن يكون له نقد لا يدخل في الشركة، وهذا يبطل شركة المفاوضة.
  فإن كانت(٢) نفقة أحدهما أكثر من نفقة الآخر فطابت بها نفس الآخر جاز ذلك، وإن لم تطب نفسه حسب ذلك عليه ولم يستوفها منه ما كانا على شركتهما، وإن أحب أن يدفع بما له عليه(٣) عرضاً جاز؛ لأن زيادة العرض لا تبطل شركة المفاوضة(٤).
  هذه الجملة لا خلاف فيها بين من أجاز شركة المفاوضة؛ لأنها موضوعة على المساواة، وفي زيادة نقد أحدهما إزالة المساواة.
  وقوله: لم يستوف ما وجب على صاحبه يبين أن الشركة لا تبطل بالملك للنقد(٥) حتى يضامه القبض. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.
  ولا خلاف أن زيادة العروض لا تبطل شركتهما؛ لأن الشركة لم تتعلق بها. وكذلك إن باع أرضاً أو غيرها وقبض الثمن بطلت الشركة، وكذلك إن ورث نقداً فقبضه بطلت، وما لم يقبض يكونان على الشركة على ما بيناه من المذهب والاتفاق، وكذلك ما ورث(٦) من النقد لا يبطل الشركة حتى يقبضه، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه، وأما إن ورث شيئاً سوى النقد لم تبطل شركتهما؛ لما ذكرناه من أنه لا يتعلق بتجارتهما، والوجه أن الشركة لا تصح بالدين، وإنما تصح بالحاصل المقبوض؛ فلذلك اشترطنا القبض.
(١) الأحكام (٢/ ٨٩) المنتخب (٥٥٢).
(٢) في (ب، د): كان. وفي نسخة في (ب): كانت.
(٣) «عليه» ساقط من (ب).
(٤) الأحكام (٢/ ٨٩) والمنتخب (٥٥٢، ٥٥٣).
(٥) «للنقد» ساقط من (ب).
(٦) في (أ، ج): يرث.