باب القول في المضاربة
  في قول أبي حنيفة، ولا يؤمر في قول أبي يوسف ومحمد.
  قلنا: إنه يضمن إن أخرجه من ذلك البلد إن تلف لأنه قد تعدى في إخراجه؛ لأن رب المال جعل ذلك البلد بمنزلة الحرز، فإذا أخرجه منه كان بمنزلة من وضعه في موضع ليس بحرز، فإن تلف ضمن، ولأن تخصيصه بمصر بعينه جائز كما يجوز تخصيصه بنوع من التجارات.
  فإن سلم وربح فإنهما على أصل المضاربة؛ وذلك أن المضاربة كانت في الأصل صحيحة، ولم يخالف المضارب في التجارة، وإنما خالف في موضع الإحراز، فلم يجب أن يجعل الربح له، ووجب أن يكون الربح والمضاربة على ما كانا عليه.
  فإن كان صاحب المال أمره أن يتجر في سلعة بعينها لم يجز له أن يتجر في غيرها، فإن اشترى غيرها ضمنه المضارب، فإن أجاز صاحب المال شراءه جاز وكان الربح له، وللمضارب أجرة مثله، ولا يجاوز بها ما شرط له من الربح.
  وإن لم يجزه كان المضارب ضامناً، فإن كان فيه ربح كان لبيت مال المسلمين(١).
  وذلك(٢) أنه لما أمره أن يتجر في سلعة بعينها فاشترى سواها كان مخالفاً له في نفس(٣) التجارة، فجرى مجرى الوكيل يأمره الموكل بشراء شيء فيشتري له غيره في أنه لا يلزم الموكل، ويكون الشراء للوكيل، فإن أجازه الموكل جاز على أصلنا في إجازة الشراء الموقوف أن المشترى له إذا لم يجزه كان(٤) الشراء لمن اشتراه،
(١) الأحكام (٢/ ٣٤، ٣٥) والمنتخب (٤٨٢) وقد أول ما في المنتخب في شرح القاضي زيد بما يوافق ما في الأحكام.
(٢) في (ب، د): ودليله.
(٣) في (أ، ج): مخالفاً في التجارة. وفي (هـ): مخالفاً له في التجارة.
(٤) في (أ، ج): صار.