باب القول في المضاربة
  رأس المال كان ذلك فسخاً لذلك القدر، ولا يجوز أن يشتري غير ما ذكرنا، فيكون بمنزلة من اشترى مال نفسه من وكيله، وذلك لا يصح؛ لأن المضارب بمنزلة الوكيل وإن كان شريكاً في الربح، هذا ما يوجبه القياس، إلا أن الاستحسان يوجب صحة ذلك لوجهين:
  أحدهما: الإجماع، فإنه مما لا خلاف فيه.
  والثاني: أن المضارب قد تعلق له بالمال حق، وليس كالوكالة المحضة، ألا ترى أن صاحب المال ممنوع من التصرف فيه ما دامت الشركة قائمة إلا بإذن المضارب، فإن حق التصرف للمضارب؟ فصح أن يشتريه [منه] كالسيد يشتري من المكاتب ما في يده.
  قال: وإن اشتراه المضارب من نفسه كان الشراء فاسداً(١).
  ووجهه: أن الخصومة تكون بين البائع والمشتري في حقوق القبض والتسليم والرد بالعيب، ولا يجوز أن يكون الإنسان خصم نفسه.
  قال: ولا بأس لصاحب المال أن يعين المضارب إن استعان به، فيبيع له ويشتري، وتكون المضاربة بينهما صحيحة على ما كانت(٢).
  ووجهه: أنه معونة وإحسان إليه، ولا يوجب ذلك فسخ ما بينهما، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَي اَ۬لْبِرِّ وَالتَّقْوَيٰۖ}[المائدة: ٣].
  قال: ولكن لا(٣) يوكل صاحب المال(٤)؛ لأن التوكيل فيه إلى المضارب.
(١) الأحكام (٢/ ٩٨).
(٢) الأحكام (٢/ ٩٨).
(٣) «لا» ساقطة من (ب).
(٤) ولفظ الأحكام (٢/ ٩٩): ولكن لسنا نرى أن يوكل رب المال فيه وكيلاً، والتوكيل والأمر والنهي إلى المضارب ... إلخ.