شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب شركة الأبدان

صفحة 370 - الجزء 4

مسألة: [في الشركة في الاصطياد والاحتشاش والاحتطاب]

  قال: وهذه الشركة جائزة بين أهل كل صناعة⁣(⁣١).

  وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن هذه الشركة لا تصح بين الصيادين والمحتشين والمحتطبين والعاملين في المعادن، قالوا: لأن الاستئجار منهم والتوكيل لا يصح. وعموم قوله: جائزة بين أهل كل صناعة يدل على جوازها⁣(⁣٢) فيهم، وقد نص في الفنون على جواز الشركة في المعادن. والاستئجار فيها⁣(⁣٣) جائز على مذهب الشافعي، ذكره ابن أبي هريرة في التعليق.

  والذي يدل على جوازها فيهم: أن كل ذلك عمل يصح فيه التوكيل والاستئجار؛ بدلالة أنها كسائر الأعمال، فإن لها نفعاً معلوماً.

  فإن قيل: كيف يكون للاصطياد نفع معلوم⁣(⁣٤) وهو يتعلق بالغرر؛ لأنه لا يدرى هل يصيد⁣(⁣٥) أم لا؟

  قيل له: إنما نجوز ذلك في المواضع التي يجب فيها كاصطياد السموك⁣(⁣٦) والطيور؛ لأن المواضع والأوقات المعتادة لا يجري فيها من الغرر إلا اليسير الذي يقع مثله في التجارات.

  وإذا ثبت أنه يصح التوكيل صحت الشركة فيه على ما بينا؛ لأنها معقودة على التوكيل.

  فإن قيل: فإنها قد يقع فيها غرر؛ لأنه قد يتقدم الأمر فيه ويتأخر ولا يمكن ضبطه.


(١) انظر الأحكام (٢/ ٩٣) والمنتخب (٥٥٦).

(٢) في (ب، د): عمومها. وفي نسخة في (د): جوازها.

(٣) في (أ، ج) ونسخة في (هـ): فيهن. وفي (ب، د): عليها.

(٤) في (أ، ب، ج): كيف يكون الاصطياد نفع معلوم. وفي (هـ): كيف يكون الاصطياد نفعاً معلوماً.

(٥) في (أ، ج، هـ): يتصيد.

(٦) لفظ شرح القاضي زيد: لأنا إنما نجوز ذلك في المواضع والأوقات التي يكثر فيها لكل صائد السموك والطيور؛ لأن المواضع والأوقات ... إلخ.