شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في شركة العلو والسفل والشوارع والأزقة

صفحة 372 - الجزء 4

باب القول في شركة العلو والسفل والشوارع والأزقة

  إذا كان لرجل سفل بيت ولآخر علوه فانهدم البيت وأبى صاحب السفل أن يبني سفله وأراد صاحب العلو أن يرد مسكنه قضي له على صاحب السفل ببناء سفله ليبني هو عليه علوه، فإن كان صاحب السفل معسراً أطلق لصاحب العلو أن يبني السفل، ويمنع صاحب السفل من سكناه حتى يؤدي إلى صاحب العلو ما غرم في بناء السفل، وإن أحب صاحب العلو استغل السفل إلى أن يستوفي ما غرم فيه⁣(⁣١).

  قال أبو حنيفة: لا يجبر صاحب السفل على بناء السفل، ولكن صاحب العلو إذا بناه يمنع صاحب السفل من سكناه حتى يوفيه ما غرم فيه، ويكون ذلك في يد صاحب العلو على سبيل الرهن إلى أن يستوفي حقه.

  ووجه ما ذهبنا إليه: أنه لا خلاف في أن صاحب السفل ليس له أن يبيع نقض سفله؛ لتعلق حق صاحب العلو به، فيجب أن تلزمه إعادته إذا انتقض؛ لتعلق حق صاحب العلو به؛ لأن كل من لم يكن له منع الغير من ملكه لتعلق حقه به يلزمه تسليمه إليه، كالدار المستأجرة، وكالرهن إذا صار في يد الراهن، وما أشبه ذلك.

  ويقال لهم: إذا قلتم: إنه إذا أعيد السفل كان في يد صاحب العلو على سبيل الرهن إلى أن يستوفي منه ما غرم فقد أوجبتم ذلك على صاحب السفل؛ لأنه إن لم يكن ذلك الغرم لازماً له فلا وجه [لأن يكون حقه في يد صاحب العلو على سبيل الرهن، وإن كان لازماً له فلا وجه]⁣(⁣٢) لقولكم: إنه لا يجبر عليه.

  وقلنا: إن صاحب العلو إن أحب استغل السفل إلى أن يستوفي ما غرم فيه لأنه أنفع لهما، وأقرب إلى أن يصل كل ذي حق إلى حقه من صاحب العلو


(١) الأحكام (٢/ ١٣٨) والمنتخب (٣٧٤، ٣٧٥).

(٢) ما بين المعقوفين من (د).