شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الرهون

صفحة 407 - الجزء 4

  يلزم غرمان لحق واحد.

  ووجه ما قلناه من أنهما يترادان الفضل: قوله: «لصاحبه غنمه وعليه غرمه».

  فدل ذلك على أنه يغرم النقصان ويغنم الزيادة، ويتحصل عليها. وأيضاً إذا ثبت بالأدلة التي قدمناها أن الرهن مضمون وجب أن يكون جميعه مضموناً، كالغصب والقرض والمبيع والثمن، يوضح ذلك أن ما لم يضمن بعضه كالوديعة ومال المضاربة لم يضمن باقيه، وما ضمن بعضه مما ذكرنا ضمن باقيه، ولم نجد في الأصول مضموناً يضمن بعضه ولا يضمن باقيه، وإذا ثبت ذلك وثبت أن الرهن يضمن بعضه ثبت أن جميعه مضمون. وأيضاً لا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة وأصحابه أن الرهن إذا كان مثل الدين أو دونه يكون جميعه مضموناً، فكذلك إذا زاد على الدين، والعلة أنه رهن صحيح فوجب أن يكون جميعه مضموناً، أو عين حصل فيه الضمان فوجب أن يكون جميعه مضموناً.

  فإن قيل: إذا كان مقبوضاً للاستيفاء وجب أن يكون أميناً في الفضل؛ لأنه لا يجوز أن يستوفي من جميعه، بل من⁣(⁣١) مقدار الدين.

  قيل له: الجميع مقبوض للاستيفاء ومحبوس به⁣(⁣٢)؛ ألا ترى أنه لا يفك منه شيء إلا بإيفاء الدين؟ فوجب أن يكون الجميع مضموناً؛ لأنه أيضاً محبوس للاستيفاء ومقبوض لذلك، فكذلك الزائد على مقدار الدين يجب أن يكون مضموناً؛ لأنه أيضاً محبوس للاستيفاء ومقبوض لذلك.

  فأما ما يحكي عن شريح من قوله: «الرهن بما فيه» فهو قول قد أجمع بعده على خلافه، فوجب سقوطه، فلا وجه للاشتغال به. وحكى الكرخي هذا القول عن إبراهيم النخعي، وحكى رجوعه إلى قول أبي حنيفة.

  ويؤكد ما قلناه أنهما يترادان الفضل: أن الراهن لو أفلس أو مات مفلساً كان


(١) «من» ساقط من (ب).

(٢) لعلها: له.