باب القول في تلف الرهن وانتقاصه وانتفاع المرتهن به
  نبينه في كتاب الغصوب، وهذه الدار وإن كانت رهناً فليس للمرتهن إلا احتباسها عنه وهو في باب ليس له إلا الإمساك [والحفظ بمنزلة الوديعة](١) فإن تصرف فيه كان بمنزلة الغاصب، فإذا سكنها يلزمه من الكراء ما يلزم الغاصب من ذلك، فيسقط عن الراهن من الدين بمقداره؛ لأنهما يتقاصان ذلك، فإذا بلغ ما يلزمه من كراء المثل مقدار الدين كله سقط جميعه؛ لأن المرتهن يكون قد استوفاه، وخرجت الدار عن الرهن؛ لأنها لا تكون رهناً ولا حق للمرتهن على الراهن؛ [لأنا لو قلنا: إن له حقاً](٢) كنا جعلناها(٣) محتبسة للا شيء، وهذا فاسد بالإجماع.
  قال: وكذا القول إن أكرى الدار فاستغلها المرتهن واستهلك غلتها، فإن لم يستهلك غلتها كانت الغلة رهناً مع الأصل(٤).
  على ما بينا من كون الفوائد رهناً كالأصل، فإن تلفت ضمنها المرتهن على ما بيناه من القول بأن الفوائد مضمونة كالأصل على ما تقدم القول فيه.
  قال: وليس للمرتهن أن ينتفع بالرهن، نحو أن يركبه إن كان مركوباً، أو يلبسه إن كان ملبوساً، أو يسكنه إن كان له سكنى، أو غير ذلك، فإن فعل شيئاً من ذلك سقط مقدار ذلك من الدين(٥).
  وكل هذا قد تقدم بيانه، وجملة القول أن الرهن في يد المرتهن كالوديعة إلا في أمرين:
  أحدهما: الضمان، والثاني: أن للمرتهن منع الراهن من أخذه حتى يستوفي
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ج).
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ، ب، ج). وفي (هـ) ظنن مكانه بـ: لأنا لو لم نقل بخروجها عن الرهن وقد تقاص الراهن والمرتهن.
(٣) في (أ، ج): فعلناها.
(٤) المنتخب (٤١٤).
(٥) المنتخب (٤١٣، ٤١٤).