شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

كتاب الرهون

صفحة 433 - الجزء 4

  ثم قلنا: إن كان الراهن موسراً استقر العتق في ذلك القدر وسرى؛ لأن حق المرتهن ليس بأقوى من حق الشريك، وألزمنا الراهن الخروج عن حقه أو إبدال رهن مكانه كما يلزمه أن يغرم حق شريكه لو أعتق ما فيه شركة لغيره، وكما أن الراهن لو قتله لغرم قيمته ولزمه أن يجعلها⁣(⁣١) بدلاً للرهن، وكذلك لو قتله غير الراهن فغرم قيمته تعلق بها حق المرتهن، وهذه المسألة مما لا يختلف فيه قولنا وقول أبي حنيفة وأصحابه، وهو الأظهر عن الشافعي، أعني إيجاب العتق دون سائر الشروط.

  وحكي للشافعي قول آخر، وهو أنه لا يعتق. فإن سُئلنا عن ذلك القول كان تحرير العلة أن نقول: هو موسر أولى ببعض المملوك من غيره؛ لكونه مالكاً، فأشبه الشريك الموسر إذا أعتق نصيبه في أن العتق ينفذ.

  قال: وإن كان معسراً عتق العبد بمقدار ما فضل عن الدين⁣(⁣٢)، ونجم على الراهن مال المرتهن على حسب ما يمكنه، فإن أدى ما عليه عتق العبد.

  معنى قولنا: إذا أدى ما عليه عتق العبد أنه يرتفع [حق] حبس العبد، وإلا فالعتق حاصل لنفوذه في الفاضل عن الدين⁣(⁣٣) فهذه المسألة كالأولى، ولا فرق بينهما إلا في تنجيم مال⁣(⁣٤) المرتهن على الراهن.

  ووجهه: أنه بالسعاية أولى من العبد؛ لأن العبد يحتبس بحقه لا بقيمة نفسه، ولأن العبد أيضاً لو سعى لرجع عند أبي حنيفة على المعتق، فكان المعتق بذلك أولى.

  ولا خلاف بيننا وبين أبي حنيفة في وجوب عتقه. وللشافعي فيه قولان.


(١) في (أ، ج، د، هـ): يجعله.

(٢) في المخطوطات: الرهن. والمثبت هو الصواب كما تقدم في أول المسألة، وكما في المنتخب (٢٦٣).

(٣) في المخطوطات: الرهن.

(٤) في (أ، ج، هـ): ملك. وفي نسخة في (هـ): مال.