شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول فيما يحدث الراهن في الرهن

صفحة 432 - الجزء 4

  وقول أبي حنيفة: إن عتق الراهن ينفذ على كل حال ثم ينظر فيما يلزم الراهن للمرتهن من الإيفاء أو الإبدال أو ما يلزم العبد من السعاية، فأما العتق فواقع تام عنده.

  وأما الشافعي فحكى ابن أبي هريرة عنه في هذا الباب ما يطول شرحه، وجملته أنه مرة يجعل الموسر على قول واحد في نفوذ عتقه ويجعل المعسر على قولين، ومرة يجمع بين المعسر والموسر في أنهما على قولين.

  ووجه ما ذهبنا إليه: ما بيناه من أن الراهن ممنوع من التصرف في الرهن على وجه يخرجه من كونه رهناً ويبطل⁣(⁣١) قبض المرتهن، وكان القياس ألا يجوز عتقه؛ لأنه يؤدي إلى إبطال رهنه، إلا أنا وجدنا للعتق مزية قوية على سائر ما ذكرنا؛ لجوازه⁣(⁣٢) مع الأخطار ومع الجهالة، ولنفوذه في نصيب الشريك بغير رضاه، ولنفوذه في البيع الفاسد، ولأنه لا يرتفع بعد حصوله في دار الإسلام، ثم وجدنا للرهن في تعلق حق المرتهن به مزية قوية، وذلك أن مالكه ممنوع من التصرف فيه، ولا خلاف أن الموت⁣(⁣٣) لا يبطله بمصيره إلى الوارث، وأن⁣(⁣٤) المرتهن أولى به من سائر الغرماء إن مات صاحبه مفلساً أو فلسه الحاكم، وكذلك إن باعه الحاكم عليه كان المرتهن أولى به من سائر الغرماء، ولم يكن حكمه حكم سائر أملاك المرتهن لهذه المزية⁣(⁣٥) التي ذكرناها، فلما اجتمع هذان الأمران أوجبنا تعلق العتق على الفاضل عن⁣(⁣٦) الدين لقوة العتق، ولم نوجب تعلقه على ما دونه لقوة حق المرتهن.


(١) في (أ، ب، ج، هـ): «يبطل» بدون واو.

(٢) في (أ، ب، ج، هـ): جوازه.

(٣) موت الراهن. (من هامش هـ).

(٤) في (أ، ب، ج): فإن.

(٥) في (د): المزايا.

(٦) في (هـ): على.