شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المغصوب يوجد بعينه

صفحة 443 - الجزء 4

  بيع ولا إجارة، ولا يؤدي إلى إتلاف النفس أو الخوف منه، وبهذا تنفصل عن الخيط يخاط به الجرح أو اللوح تركب عليه السفينة فيطالب به صاحبه في اللجة؛ لأن هذين يؤديان إلى تلف النفس⁣(⁣١) أو يخاف ذلك، أو يقال: إنه مال مغصوب قائم بعينه لا يؤدي أخذه إلى تلف النفس أو الخوف منه.

  فإن قيل: لو ألزمناه نقص البناء كنا قد أدخلنا عليه ضرراً لا يستحق.

  قيل له: ليس كذلك؛ لأن ذلك القدر من الضرر مستحق عليه، ألا ترى إلى ما روي أن النبي ÷ أمر بقلع النخل عن الأرض المغصوبة؟ وذلك مما يلزم الغاصب فيه ضرر، لكنه مستحق لحق المغصوب منه. ولا خلاف في أن من زرع أرضاً مغصوبة يجب قلع الزرع، وذلك مما يضر بالغاصب إذا لم يمكنه تخليص المغصوب إلا بضرر يدخله على نفسه، وهكذا لو بنى في أرض مغصوبة لزمه نقض بنائه.

  فإن قيل: فإنه بناه على ملكه، فهو غير متعد، فلا يجوز إلزام نقضه.

  قيل له: بناه على ملكه وملك غيره، وهو الخشبة المغصوبة، فكان قياسه قياس من بنى بناءً بعضه على ملكه وبعضه على ملك جاره إذا لم يتم له تسليم أرض جاره إلا بنقضه كله يلزمه نقضه.

  قال: وكذلك إن كان الغاصب دفعها إلى غيره فبنى عليها عالماً بأنها مغصوبة أو غير عالم بذلك يقضي بالخشبة لربها، وإن كان الباني لم يعلم أنها غصب وغره الغاصب رجع على الغاصب بقيمة ما فسد من بنائه⁣(⁣٢).

  أما وجوب رد الخشبة فقد مضى الكلام فيه، فلا وجه لإعادته، والباني أيضاً غاصب كالأول علم أو لم يعلم، إلا في المآثم فلا إثم عليه إذا لم يعلم.

  وأما رجوعه على الغاصب بقيمة ما فسد إذا لم يعلم بأنه مغصوب فهو ما نذكره في باب ولد المغرور وقياس⁣(⁣٣) عليه.


(١) في (أ، ب، ج، هـ): الناس.

(٢) المنتخب (٤٩١).

(٣) في (هـ): ويقاس.