شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المغصوب يوجد بعينه

صفحة 442 - الجزء 4

  من الأمة، فبان أن المراد به غير ما ذهبتم إليه.

  فإن قيل: المنافع ليست مالاً، فلا يستحق عليها العوض بالإتلاف.

  قيل له: فيلزمكم ألا يستحق عليها العوض بالعقد. على أن من فتق ثوباً مخيطاً لغيره أو نقض باباً منحوتاً فلا خلاف أنه يضمن ما أتلف من المنافع، فقد بطل قولكم: إنها لا تستحق عليها الأعواض بالإتلاف. على أن هذا يمكن أن نجعله أصلاً نقيس عليه؛ بأن نقول: إنها منافع أعيان مملوكة فيجب أن تضمن بالإتلاف كفتق الثوب ونقض الباب. ولا يلزم منافع ولد المغرور؛ لأنه حر، ومنافع الحر لا تضمن بالاستهلاك لما بيناه؛ لأن منافعه مخالفة لأصلها، ولا تصح فيها الإباحة.

مسألة: [فيما على الغاصب لخشبة ثم بني عليها]

  قال: ولو أن رجلاً اغتصب خشبة ثم بنى عليها قضي على الغاصب بتسليم الخشبة إلى صاحبها ونقض ما بنى عليها إن كان لا يمكن ذلك إلا بنقضه⁣(⁣١).

  وبه قال الشافعي.

  قال أبو حنيفة وأصحابه: لا يجب تسليمها إذا لم يتم إلا بنقض البناء، ولصاحبها القيمة.

  والدليل على ما ذهبنا إليه: قوله ÷: «ليس لعرق ظالم حق»، وقوله: «على اليد رد ما أخذت»⁣(⁣٢)، وقول الله تعالى: {لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ}⁣[النساء: ٢٩]، وقوله: {وَءَاتُواْ اُ۬لْيَتَٰمَيٰ أَمْوَٰلَهُمْۖ}⁣[النساء: ٢]، وقد يكون ذلك لليتيم⁣(⁣٣) وقال: {وَءَاتُواْ اُ۬لنِّسَآءَ صَدُقَٰتِهِنَّ نِحْلَةٗۖ}⁣[النساء: ٤]، وقد يكون ذلك صداقاً. وهو قياس ما لم يبن عليه بعلة أنه ملك الغير لم يجر فيها تغنم ولا هبة ولا


(١) المنتخب (٤٩١).

(٢) أخرجه الترمذي (٢/ ٥٥٧) وأبو داود (٢/ ٥٠٢) بلفظ: على اليد ما أخذت حتى تؤدي.

(٣) في (هـ): ليتيم.