باب القول في المغصوب يوجد بعينه
  وجه(١) قول أصحابنا: إنه إن شاء أخذه على ما به وإن شاء تركه(٢) وأخذ قيمته حياً: أن الغاصب لم يتلف عينه، بل العين باقية، ولم يتلف من أجزائه ما يجوز أن يكون له قيمة، وإنما استهلك بعض منافعه، فإذا أمكننا(٣) أن نعيد الفائت من المنافع كأنه لم يفت بأن نعطيه قيمته حياً إلا أن يرضى بأخذه مذبوحاً.
مسألة: [فيما على من غصب ثوباً فقطعه]
  قال: فإن اغتصب ثوباً فقطعه قميصاً أو غير قميص كان صاحبه بالخيار: إن شاء أخذ الثوب على ما وجده مخيطاً أو مقطوعاً غير مخيط، وإن شاء أخذ قيمته صحيحاً(٤).
  وعند أبي حنيفة: يأخذه ويأخذ ما نقصه القطع(٥) من الغاصب إن شاء، وإن شاء سلمه إلى الغاصب وضمنه قيمته صحيحاً.
  قال الشافعي: ليس له إلا أخذه وأخذ قيمة النقصان.
  قال أبو حنيفة: إن كان خاطه فليس لصاحبه عليه سبيل، ويأخذ قيمته صحيحاً.
  اعلم أن ما مضى من الكلام في المسألة الأولى هو الكلام في هذه المسألة، ونحن نزيده إيضاحاً فنقول: إن الذبح والقطع ليس بإفساد، بل ربما يتعلق الغرض بهما في الأكثر الأعم، فإذا اختار المغصوب منه أخذه فكأنه رضي بالذبح والقطع، فلا وجه لتضمينه للغاصب قيمة النقصان، وأما إذا لم يختر ذلك فنقول في المسألتين: إنه يسلمهما إلى الغاصب ويأخذ قيمة كل واحد منهما صحيحاً؛ لأن
(١) في (أ، ج): ووجه.
(٢) في (أ، ب، ج، د): ترك.
(٣) لفظ شرح القاضي زيد: فإذا ألزمناه قيمته فكأن الفائتة من المنافع قد عاد.
(٤) الأحكام (٢/ ١٠٩).
(٥) في (هـ): التقطيع.