شرح التجريد في فقه الزيدية،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

باب القول في المغصوب يوجد بعينه

صفحة 446 - الجزء 4

  الغاصب قد أتلف الكثير من منافعهما بالذبح والقطع، والغرض في العين هي المنافع، يدل على ذلك أن من غصب عبداً أو فرساً وماتا في يد الغاصب ضمن القيمة؛ لفوات عامة منافعهما، ولأن المذبوح مع قيمة ما نقصه الذبح قد لا يسد مسد الحي في المنافع المبتغاة، وكذلك الثوب المقطوع مع قيمة ما نقصه القطع قد لا يسد مسد الثوب الصحيح، فلا يمتنع أن يكون غرضه قد فات بما حصل فيهما من الذبح والقطع؛ إذ قد فاتت عظم منافعهما، فوجب ألا يلزم صاحبهما أخذهما، بل جعلنا له تسليمهما إلى الغاصب وأخذ قيمتهما حياً وصحيحاً.

  فإن قاسه الشافعي على الشق اليسير في أن صاحب الثوب لا يمكنه أن يدفعه إلى الغاصب ويضمنه القيمة وهو صحيح لم يصح ذلك؛ لأن الشق اليسير لم يفت أكثر منافعه وإن فات اليسير منها، فلم يبطل أكثر الأغراض المتعلقة بالثوب، ألا ترى أن من أخذ عبداً فشجه موضحة أو حيواناً فجرحه لم يكن لصاحبهما إلا ما نقصهما، ولو قتلهما الغاصب كان لصاحبهما القيمة؟

  فأما ما قال أبو حنيفة من أن الغاصب إن كان خاطه حين قطعه - يعني الثوب - فلا سبيل لصاحبه عليه لفوات أكثر منافعه فلا معنى له؛ وذلك أن الخياطة لم تفت من المنافع⁣(⁣١) إلا ما أفاته القطع، بل زاد، وهو متبرع في الزيادة⁣(⁣٢) على ما يجيء القول فيه بعد هذه المسألة.

  فأما الشق اليسير فقد ذكر في الأحكام⁣(⁣٣) فيما أفسده الصانع أن لصاحب المتاع أخذه وأخذ قيمته⁣(⁣٤) فقط إن كان الفساد أذهب أقل من النصف من


(١) في (هـ): منافعه.

(٢) في (هـ): بالزيادة.

(٣) الأحكام (٢/ ٣٤).

(٤) أي: قيمة ما أفسد. ولفظ الأحكام: فإن كان إفساده أقل من قيمة نصف الشيء المفسد أدى قيمة ما أفسد إلى صاحب الشيء.